التقارير

“الحرية” .. صالة كبيرة.. على شمالك قهوة ويمينك بيرة

للبارات في السينما المصرية صورة نمطية عن سكارى يتقلبون بين حالتين مزاجيتين، إما أنهم يتشاجرون سويًا أو يغنون سويًا، تلك بارات تقليدية بأجواء تقليدية انتقلت صورتها إلى السينما، إلا أن بار وحيد خرج عن ذلك القالب في السينما، هو “بار ومقهى الحرية” في باب اللوق.

يحمل طابعه الخاص والمميز عن بارات وسط البلد المعتادة، بدءًا بالمساحة الشاسعة التي يحتلها “الحرية” –نحو350 مترًا- بالدور الأرضي لعمارة رقم 3 شارع محمد مظلوم، حتى عمره الذي تجاوز الثمانين عامًا في نفس المكان، مرورًا بكونه آخر المقاه المرخصة لتقديم الخمور بالقاهرة.

81 عامًا في وسط البلد

للحرية باب واحد واسع وقسمان مختلفان، إلى اليمين قسم يسمح بتقديم البيرة إلى جانب المشروبات الاعتيادية بالمقاهي وعلى الناحية الأخرى تكتفي بمشروبات المقهى الاعتيادية. بالنهاية هو مقهى شعبي يقدم البيرة. منذ تأسيسه عام 1936، على يد ثلاثة أقارب هم يوسف وميخائيل ونيقولا، الذي كان عاطلًا عن العمل قبل إدارته للمقهى، ظل المقهى على حد الكفاية؛ الأرباح على قدر المصروفات حتى تنامي الوجود الإنجليزي في محيطه فازداد رواده وزادت أرباحه بالتالي، في البدء كان زبائنه من الجاليات الأجنبية، العساكر الإنجليز في أثناء وجودهم بمصر، وبعض الأفندية نظرًا لأسعاره الرخيصة ومشروباته الشعبية وموقعه بوسط البلد، صالته الشاسعة سمحت بتنوع زبائنه.

صحيح أنه مع حركة الزمن لم تعد الجاليات الأجنبية في مصر كعهدها قبل يوليو 52، إلا أن “الحرية” لم يزل يضم تنوعه الخاص، فعلى مدار وجوده في وسط البلد كان الحرية ملتقى لألوان وتيارات مختلفة، كان ناديًا للصعيدي وابن أخيه البورسعيدي.

“الحرية” في السينما

التنوع الذي كان ملهمًا لصناع السينما، إذ صنع منه أحمد رجب ناديًا لشخصيات كاريكاتورية ذات توجه يساري في فيلم يسخر من التيارات اليسارية في منتصف الثمانينات، حيث شاعر اشتراكي يلقي قصيدة حماسية يسمعها صديقه ذي النضارة سميكة العدسات في فيلم “فوزية البرجوازية 1985”.

بعد نحو 10 أعوام، كان مقهى الحرية ملتقى للخِرتية في فيلم “رومانتيكا1996” للمخرج زكي فطين عبد الوهاب، في منتصف التسعينات، حيث مجتمع من الشباب في بداية العشرينات يتحركون بين أرجاء وسط البلد ويجتمعون بالحرية يشتغلون بأي شيء ويصاحبون الأجانب مع حلم بالسفر للخارج.

بعد 10 أعوام أخرى، تحديدًا في 2006، ظهر “الحرية” من جانب مقهى الكهول وأصحاب المعاشات في فيلم “ملك وكتابة”، مقهى اعتيادي فسيح، يقدم البيرة ويلعب رواده الطاولة والدومينو دون أي تفاصيل زائدة.

كما حافظ “الحرية” على تنوعه الخاص، حافظ أيضًا على ملامحه العامة، سقف يعلو 5 أمتار عن أرضية المقهى بمساحة 350 مترًا منقسمة إلى قسم البيرة وقسم مشروبات المقهى، بأبوابه الواسعة وجدرانه بلون “الشاي باللبن” المميزة، و”لوجو ستيلا” الضخم عليها، وصخبه وازدحامه الدائم في ليال الخميس، وميلاد أشهر جارسونات البار بطريقته المشاكسة في طلب البقشيش. والذي رُسم له “جرافييتي” على الجدار الخارجي بلحية كبيرة كُتب تحته “بكرة نبيع سبح” عام 2013 في إشارة إلى المخاوف من إغلاق البارات أيام حكم الرئيس السابق محمد مرسي من عشيرة الإخوان المسلمين.

الوسوم

تعليق واحد

  1. تنبيه: Google
إغلاق
إغلاق