كثيرون من لا يعرفون أن من ضمن مكونات ميدان طلعت حرب بالقاهرة مدرسة يمتد تاريخ تأسيها إلى بدايات القرن العشرين ومازالت تعمل حتى الآن، وتظهر أولى معالم هذه المدرسة عندما يلتفت من يسير في شارع طلعت حرب متجها إلى الميدان إلى يمينه في الشارع الصغير بعد سينما راديو بحوالي 20 مترا ليكتشف أن مبنى قديم به بوابة يسده، وإذا أكمل سيره مع الميدان حتى شارع محمود بسيوني ودخله وإذا التفت يمينا في أول شارع صغير سيجد نفس المبنى القديم ويسد الشارع ببوابة أخرى وعليها لوحة اسم مدرسة طلعت حرب الثانوية الصناعية للبنات.
بلا شك يعطيك مبنى المدرسة شعورا بأنه حشر حشرا في هذا المكان فلا يطل إلا قليلا منه على الشوارع المحيطة به، وربما وراء ذلك سبب أو سر ما.
ربما يثير الاسم القديم للمدرسة، التي بنيت عام 1920 وهو” قطرة اللبن” رغم بلاغته وشاعريته، فضولك في أن تعرف السر من وراءه.
يعود سر “حشر” مبنى المدرسة في هذا المكان إلى أن الهدف منه أن يكون متواجد في نفس محيط المدارس اللغات المنتشرة في المنطقة المحيطة بباب اللوق وحتى ميدان عبد المنعم رياض ولم يتوافر إلا هذا المكان.
أما مسمى “قطرة اللبن” فيعود سره إلى أن المدرسة كانت حريصة على تقديم وجبة إفطار يومية مكونة من كوب حليب دافئ وخبز لطلابها وطالباتها، وذلك في إطار نشاط “مبرة قطرة اللبن” لمساعدة فقراء ويتامي اليهود، وهي جمعية خيرية أسسها إسحاق بن أرويو وزوجته بمشاركة أثرياء من الطائفة اليهودية لتوفير تعليم وتدريب مجاني للطلاب والطالبات، حيث كانوا يدرسون في المدرسة المواد باللغة الفرنسية كما في المدارس المماثلة وقتها بالإضافة إلى اللغة العبرية.
ومع موجات خروج اليهود في مصر وتراجع عددهم بشكل ملحوظ توقف نشاط المدرسة، تم تأجير مبناها من قبل الطائفة اليهودية بالقاهرة التي تمتلكها حتى الآن للحكومة المصرية لتعمل ضمن منظومة مدارسها تحت مسمى مدرسة طلعت حرب الثانوية للبنين وتم تحويلها فيما بعد إلى مدرسة طلعت حرب الثانوية الصناعية للبنات.
ويتوجه النشاط الخيري الحالي للجمعية على رعاية ما تبقي من يهوديات مصريات ودفع إعانات مالية لهن بالاضافة لمصاريف العلاج وأخيرًا مصاريف الدفن، كما أضيف إلى نشاطها مهمة الحفاظ على التراث اليهودي في مصر.
2 تعليقات