التقارير
أقدم بائع ورد بوسط البلد: “أعيدوا لي مصدر رزقي الوحيد” بشارع شامبليون

ما بين القاهرة والشرقية يقضي درويش عبد السلام درويش، الشهير بعم محمد وردة بائع الورد بوسط البلد رحلة يومية قبل وبعد عمله ببيع الورد، بشارع شامبليون.
يسافر في الثامنة صباحًا من الشرقية إلى وسط البلد، حيث كشكه الصغير في تقاطع شارعي المدرسة الناصرية وشامبليون، الذي تصل مساحته إلى متر ونصف المتر× مترين، ويتكوّن من فاترينتين، واحدة خشبية يضع بها أوراقه وأدواته الخاصة، والأخرى فاترينة حديدية ينسق عليها الزهور التي يبيعها للزبائن، وفي نهاية اليوم يغلق الكشك ليسافر للشرقية مرة أخرى عائدًا لمنزله.
ظل عم محمد البالغ من العمر 58 عامًا هكذا سنوات طوال، واشتهر بين زبائنه من المشاهير والأشخاص العاديين بالسمعة الطيبة وحسن المعاملة، ورغم عدم حصوله على ترخيص للكشك، إلا أن مهندسي الحي أخبروه بأن وجوده سيكون بشكل ودي وليس هناك ضرر منه.
حتى فوجئ دون مقدمات بداية الأسبوع الماضي، باتصال من أحد العاملين بالمقهى المجاور له يخبره أن عمال حي غرب القاهرة يزيلون الكشك. هرع عم محمد للسفر للقاهرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكن حين وصل لم يجد للكشك أثرا ولا للورد، وظل جالسا بمكانه يفكر في مستقبل عائلته وكيف له أن يدبر أمورهم بعد أن انقطع مورد رزقه الوحيد.
تواصل فريق “منطقتي” مع عم محمد، الذي حكا قصته قائلا “بدأت قصتي مع الورد منذ صغري، ومن عشقي لها كانت هناك سيدة تبيع الورد بجوار سور مدرستي “زهر ربيع” الابتدائية، كنت أشتريه منها وآكله”.
ويتابع: “أكملت دراستي وحصلت على دبلوم صناعي قسم خراطة وعملت في المصانع الحربية، ولكن تركتها بعد فترة وقررت بيع الورد، وفي عام 1982 صممت كشكًا صغيرًا بشارع مدرسة الناصرية المتقاطع مع شارع شامبليون وكنت أبيع الورود للزبائن، كان أصحاب بعض المزارع بالقناطر الخيرية يجلبون الورد لي، ومن ثم أقوم بتنظيفه ووضعه بالمياه ثم أبيعها، وكنت أتعاقد مع مكاتب وشركات كبرى لإرسال الورود لها يوميا.
عام 2000 صدر قرار إزالة لسوق بنفس الشارع، وأزيلت جميع الأكشاك الموجودة، إلا أنني تقدمت بشكاوى لمحافظة القاهرة، فصدرت لي موافقة بالتواجد في مكاني ولكن دون كشك، حينها كنت أضع الورد داخل الجراج المجاور لي، واستمر الحال هكذا حتى عام 2011 حيث صممت كشكًا جديدًا بجوار الجراج وكنت أدفع فاتورة الكهرباء، ولكن الحي أزال الكشك الأسبوع الماضي دون إنذار سابق”.
ويضيف عم محمد: “حاولت كثيرًا ترخيص الكشك، ولكن المحافظة أوقفت التراخيص منذ التسعينات، وحاليا ليس أمامي سوى إرسال استغاثة لرئيس حي غرب القاهرة، والمسؤولين لينظروا بحالي ويعيدوا لي الكشك، حيث أنني أعول خمسة أبناء، والورد هو مصدر دخلي الوحيد، وليس لدي عمل آخر ولا تأمين ولا معاش”.