التقارير
الملكية.. التسجيل.. التهالك.. أبرز 3 مشكلات تهدد العقارات التراثية
تُعد الملكية أبرز المشكلات التي تواجه العقارات التراثية في وسط البلد. نجد مثلا مبنى مثل المقر القديم للبنك المركزي بشارع «جواد حسني» مملوك لورثة عائلة من أقدم العائلات التي شيدت عقارات في وسط البلد في بدايات القرن العشرين، وبقاء المبنى على هذا النحو يعطل عشرات الملايين، ولذلك يسعى الورثة إلى بيع الأرض المقام عليها والاستفادة من قيمتها، وفي هذه الحالة سيقوم المشتري بهدم المبنى للاستفادة من الأرض وهكذا.
أما العقارات الأخرى فهي حتى وإن كانت مملوكة لبعض البنوك أو شركة مثل شركة مصر لإدارة الأصول العقارية، فإن ترميمها وإنقاذها من التهالك يحتاج إلى أن يقوم المستأجرون بدفع قيمة ترميم العقار وهي مبالغ ضخمة لا يقدرون عليها، فضلا عن رؤيتهم أن الأمر لا يستحق فهم في النهاية مستأجرين وليسوا مُلاكاً. الموضوع نفسه إذا كانت الملكية تخص أسرة أو حتى شخص واحد، مثل عمارة «المليجي» الكائنة بشارع الجمهورية أمام المقر الحالي للبنك المركزي، والتي يسعى ملاكها لبيعها هذه الأيام ما يعني هدمها والاستفادة من الأرض، بينما بقائها قائمة يعني حصولهم على جنيهات قليلة من المستأجرين.
الأمر مختلف قليلا في حالة المناطق التي تدخلها الحكومة في مشروعات تطوير، مثل «مثلث ماسبيرو» ومنطقة «عرب اليسار» بالقلعة، إذ ترى الجهات الحكومية أن الإزالة هي السبيل الوحيد للاستفادة من المنطقة، والمحصلة في الحالات كلها واحدة.. ضياع مبان تراثية مهمة وتعويضها مستحيل.
تسجيل هذه العقارات كمبان ذات طراز معماري متميز هو ما يحمي المباني من الهدم بقوة القانون، غير أن خطوة التسجيل ليست أمرا سهلا. تقول الدكتورة هايدي شلبي مدير الإدارة العامة للحفاظ على المباني التراثية بالجهاز القومي للتنسيق الحضاري، لـ «منطقتي» إن تسجيل أي عقار كعقار تراثي طبقا للقانون رقم 144 لسنة 2006 يجب أن يكون ذات طراز معماري متميز، أو أن يكون المبنى مرتبطا بالتاريخ القومي، أو مرتبطا بشخصية تاريخية، أو العقارات التي تمثل حقبة تاريخية، أو التي تعتبر مزاراً سياحياً.
وتضيف شلبي أنه في حال تسجيل المبنى في قوائم الحصر فإنه يخضع للقانون رقم 119 لسنة 2008 ويحظر التعامل معه بالهدم أو التعديل أو الإضافة دون الرجوع للجهاز القومي للتنسيق الحضاري وإلا تعرض للضبطية القضائية الممنوحة لأعضاء الجهاز وتحويل مالك العقار للنيابة العامة.
بعض الملاك يريدون الاستفادة من الأراضي وبيعها بدلًا من الإبقاء على المباني
في هذا الإطار فإن مُلاك هذه العقارات، سواء كانوا أفرادا أو جهات يعتبرون خطوة التسجيل تضر بهم وباستثماراتهم «المحبوسة» في هذه المباني، وأغلبهم يتقدمون بطلبات أو تظلمات لإخراج عقاراتهم من سجل العقارات ذات الطراز المعماري المتميز، لهدمها والاستفادة من الأرض المقامة عليها، أو حتى إعادة هيكلة المبنى وتغييره من الداخل والخارج لعرضه على الشركات والبنوك والمطاعم وغيرها.
وتضم القاهرة الخديوية حوالي 1163 عقارا تاريخيا أو ذو طابع معماري مميز في أحياء غرب القاهرة ووسط القاهرة وعابدين والموسكي ومناطق الزمالك والعتبة وجاردن سيتي، منها 994 عقارا ذو طابع معماري مميز في عابدين وغرب القاهرة فقط، من بينها 219 عقارا يطالب ملاكها أو ممثلين عن ملاكها بالخروج من قوائم حصر الجهاز القومي للتنسيق الحضاري من خلال تظلمات مقدمة إلى الجهاز.
وتعليقا على ذلك تقول الدكتورة سهير حواس مدير إدارة حصر المباني التراثية بالجهاز القومي للتنسيق الحضاري، إن بعض ملاك العقارات التي تم تسجيلها كعقار مميز تقدموا للجنة التظلمات لرغبتهم في هدم العقار القديم وبناء مبنى جديد لتحقيق مكاسب مالية أكبر، إلا أن لجنة التظلمات رفضت معظم تلك الطلبات وأكدت على توصيات لجان الحصر بإزالة المخالفات أو التشوهات من على العقارات التراثية، مشيرة إلى أن لجان التظلمات تختلف عن لجان الحصر والتي يتم التصديق على قراراتها مجلس الوزراء.
إذا، تحتاج قضية الملكية في وسط البلد إلى حل جذري ومختلف، لا يضر بالملاك ويحافظ على الكنز المعماري للقاهرة الخديوية كما هو..
هذا التقرير جزء من ملف: