التقارير
“باب البحر”.. شارع من “الفولية” و”السمسمية”

لم يعرف الكثير من الناس اسم “باب البحر” إلا عندما اتهمت إحدى المذيعات حماما شعبيا في المنطقة بأنه ملتقى للمثليين جنسيا، وأصبح الموضوع قضية رأي عام قبل أن يبريء القضاء المتهمين، وتذهب “الفرقعة” إلى حيث جاءت!
لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن “باب البحر” هو المصدر الرئيس لحلوى مولد النبي التي يحبها المصريون منذ العصر الفاطمي، ويحرصون على شراءها لأنفسهم وكهدية جميلة للأقارب والأصدقاء في موسم مولد النبي محمد.
“باب البحر” شارع تجاري كغيره من الشوارع التجارية الكثيرة المتفرعة من ميدان رمسيس، لكن شارع “باب البحر” والذي كان يضم أحد أهم أبواب القاهرة الشمالية “باب البحر في ميدان رمسيس وصولًا لباب الشعرية” هو أحد أهم مراكز تصنيع وبيع حلوى المولد على مستوى مصر كلها.
وقبل سنوات، كانت الزينات والأنوار تملأ الشارع قبل أسابيع من موعد الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، أما الآن فلن تجد إلا أفرع قليلة للزينة وأنوار عادية للمحال التي أصبحت تهتم ببيع الحلويات بالجملة جنبا إلى جنب مع السجائر الصيني المهربة، غير أن بعض المحال القليلة مازالت تحافظ على تقليد بيع حلوى المولد كل عام، وبعض المصانع الخاصة بالتصنيع حفاظًا على استمرار ما ورثوه عن عائلاتهم من تجارة وتصنيع.
“احنا بنفرش كل سنة حتى ولو بالخسارة علشان دي حاجة في الدم” يقول الحاج حسن الزغاط ذو السبعين عامًا، وأحد أقدم تجار بيع حلوى المولد بشارع باب البحر، مؤكدًا أنه ورث المهنة عن أبيه وجده، خاصة مع تراجع الطلب على حلوى المولد بسبب ارتفاع الأسعار كل عام حتى وصلت لذروتها هذا العام، مضيفا: “أسعار الحلويات السنة دي متناسبش التعبان” فسعر الكيلو يبدأ من 25 جنيه بدلاً من 15 جنيه مقارنة بالعام الماضي وهو ما يفسر ضعف الإقبال على شراء حلوى مولد النبي لهذا العام، يواصل الزغاط” “زمان كانت الحاجات ببلاش وكانت الـ100 جنيه تجيب علبة كبيرة تكفي الأسرة دلوقتي ميجبوش حاجة”.
وعن مستوى الإقبال هذا العام يقول: “زي ما انتي شايفة.. مفيش زباين”، فمنذ دخولنا للشارع لا يوجد إلا عدد قليل من الزبائن أمام بعض المحال، وعدد قليل آخر يشترى بعض القطع من أصحاب “الفرشات” الصغيرة المتواجدة بجانب المصانع.
“كان زمان 5 أو 6 أصناف في علبة الحلويات وكان معظمها علف، دلوقتي وصلوا لحوالي 50 صنف” هكذا يرى الزغاط تطور أعداد الأصناف ليظهر في السوق أصناف مثل “الفخفخينا” و”قمر الدين” و”الفراولة” و”الشمس” و”النوجة” و”الشكلمة”.
لا تخلو أي “فرشة” من عروسة المولد الحلاوة، والحصان بالأعلام المصرية القديمة الخضراء يتوسطها الهلال والتي يتراوح سعرها بين 15 و100 جنيه حسب حجمها، أما الحصان مقاس 15 سم فسعره 20 جنيه، لكنه في ذات الوقت يعرض العروسة البلاستيك داخل العلب الكرتون والتي يتراوح سعرها بين 75 و100 جنيه، ويؤكد الحاج الزغاط أنه رغم تراجع الطلب على عروسة المولد المصنوعة من السكر، إلا أنه مازال لها زبونها الخاص ممن يستطيعون الحفاظ عليها كقطعة ديكور بعيدا عن الحشرات مثل النمل.
“مصر كلها كانت بتشتري من باب البحر” يقول الزغاط متحسرًا وهو ينظر إلى الشارع الخالي تقريبًا من المارة رغم أنه أحد الشوارع التجارية الهامة، فالتجار يأتون من المحافظات كل عام قبل موعد المولد بشهرين لشراء الكميات التي يحتاجونها ويتفقون مع المصانع على الكميات المطلوبة، ثم يقومون بتوزيعها على تجار التجزئة في المحافظة، أما الآن فقل عدد هؤلاء التجار لكن مازالت منطقة “باب البحر” مركز تجارة حلوى المولد.
تبدأ أسعار علب الحلوى الجاهزة في “باب البحر” من 25 جنيه للكيلو المشكل ثم 45 ثم 60 و75 جنيه، وهناك قرص التورتة بـ30 جنيه وهي تحتوى على علف أو مكسرات، أما الملبن فسعر الكيلو يبدأ من 15 جنيه للسادة، حتى 75 جنيه للكيلو بالمكسرات مثل الفستق والبندق.
133 تعليقات