التقارير
في ذكرى ميلاده.. هذا ما تبقى من الزعيم مصطفى كامل!
“إن من يتسامح في حقوق بلاده ولو لمرة واحدة،
يبقي أبد الدهر مزعزع العقيدة سقيم الوجدان”
هذه الجملة واحدة من بين المقولات الخطابية العديدة للزعيم الوطني مصطفى كامل، وهي أيضا الجملة المدونة على قاعدة تمثاله، بالميدان الذي يحمل اسمه ويقع في نهاية شارع قصر النيل بوسط البلد.
يبقي ميدان مصطفي كامل مختلف عن بقية ميادين شارع قصر النيل، حيث أن ثورة يوليو أبقت اسمه كما هو في حين أنها استبدلت أسماء العديد من الميادين الأخرى مثل “التحرير” و”طلعت حرب” الذي كان اسمه “سليمان باشا”.
ففي عام 1938 قررت الحكومة المصرية نصب تمثال للزعيم الوطني الذي توفي شابا في مكانه الحالي بميدان “سوارس” الذي تغير إلى مصطفى كامل، تخليدا لذكري كفاحه وأيضا لتصبح “طلعته” وكلامه الحماسي آخر ما يطالعه رواد شارع قصر النيل.
“في سنة 1906 قابلت الزعيم مصطفي كامل لأول مرة، وسمعت حديثه وشعرت بتأثيره الروحي ينفذ الي أعماق قلبي. صار بمثابة أبي الروحي في المباديء وأكثرت من التردد عليه“
هذا ما كتبه المؤرخ الأستاذ عبد الرحمن الرافعي في مقالته بمجلة الهلال في أول فبراير عام 1985، كما سرد فيها شغفه بمبادىء الزعيم مصطفي كامل وتعرفه على الوطنية والشرف والاستقلال من خلال متابعته لجريدة اللواء التي أسسها مصطفى كامل.
عن الزعيم الشاب
ولد مصطفي كامل عام 1874 وتوفي عام 1908 بسبب أمراض في المعدة والكلي والأمعاء، وعلى الرغم من عمره القصير إلا أن إنجازاته شملت مجالات عديدة.
ففي السياسة أنشأ الحزب الوطني، وأسّس جريدة اللواء لمناهضة الاحتلال البريطاني، ودأب على التشهير بجرائم الاحتلال، وإعلان القضية المصرية في أوروبا خاصة بعد حادثة دنشواي، حيث كتب في جريدة لوفيجارو الفرنسية مقالة بعنوان “إلى الأمة الانجليزية والعالم المتمدن”.
لمصطفى كامل دور ثقافي هام، فقد ساهم في نهضة التعليم في مصر حيث نادى بإنشاء جامعة مصرية، وفي الأدب له جانب غير خطابي، ولا تحريضي، ولم يسلط عليه الضوء كثيرًا، فالزعيم الثائر مصطفى كامل قد كتب مسرحية بعنوان”فتح الأندلس”وموضوعها صراع بين الجاسوسية الرومية وبين العرب خلال فتح الأندلس وقد جمع فيها بين الشعر والأناشيد والنثر المسجوع.
العائلة
“أخي، لا شك انك قلقت كثيرا حتي بعثت بثلاثة تلغرافات بعد عدة خطابات لتقف علي صحتي، لأني منذ ثلاثة أشهر لم أكتب إليك كلمة. إني كنت في مرض شديد يئست معه من حياتي، وقد أصابني بعد وصولي إلى العاصمة بيومين، وهو مسبب عن كثرة المتاعب التي صادفتها في هذا العام ، والتي أؤمل أن تكون ناجحة ، لأنها كما تعلم صادرة بإخلاص، ولا أمل لي في شيء من ورائها سوي عودة مصر إلى زهوها ، ورجوع السيادة إلى أبنائها المخلصين“
الزعيم مصطفي كامل يكتب هذه الكلمات في رسالة لأخيه، ينقلها لنا الأستاذ طاهر الطناحي من خلال عدد قديم من مجلة الهلال.
النهاية في الإسكندرية
أخر خطاب ألقاه كان خطابه الحماسي في 22 أكتوبر بمسرح زيزينيا بالإسكندرية قبل وفاته بنحو أربعة أشهر، واستمر نحو أربعة ساعات في إلقائه وقال فيه:
“دهش الذين كانوا لا يرون فينا إلا أمواتا تتحرك، كما بهت أعداء الوطنية المصرية من هذه الروح الجديدة التي دبت في الأمة ،وقالو عجبا، أيحيا هذا الشعب؟، أتنهض هذه الأمة؟“.