التقارير

كنتاكي ليس كنتاكي.. هكذا أصبحت اللافتات العالمية تراثية في ميدان التحرير

تجربة فريدة نفذها الجهاز القومي للتنسيق الحضاري في ميدان الثورة

اللافتات والعلامات التجارية أكثر ما يؤثر سلبا على الواجهات التراثية في المناطق والأحياء التاريخية، وهي مشكلة لا تخص منطقة وسط البلد التراثية في مصر وحدها، فهي أزمة عالمية، يسعى المهتمون بالتراث دائما إلى إيجاد حلول لها، والموازنة بين رغبة الشركات والأنشطة التجارية للإعلان عن نفسها، والحفاظ على الطابع المعماري المميز في العواصم التراثية حول العالم.

ميدان التحرير تتوسطه مسلة رمسيس الثاني

ميدان التحرير يشهد هذه الأيام تجربة فريدة عالميا في التعامل مع اللافتات التجارية والعلامات التجارية العالمية الشهيرة، ضمن أعمال تطوير وتحديث الميدان، بهدف تحويله لمزار سياحي.

هذه التجربة المهمة اضطلع بها ونفذها الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، وهي تجربة لم تكن سهلة على الإطلاق خصوصا في ظل وجود أفرع لسلاسل عالمية في ميدان الثورة. ففي سابقة هي الأولى من نوعها تغيرت لافتات محال البراندات الشهيرة وسط الميدان، وأبرزها كنتاكي وهارديز، فمن اللون الأحمر الشهير للافتة الأصلية، إلى اللون الموحد المتناسق مع الأبنية التراثية التي تتواجد فيها هذه المحال.

مطعم هارديز بالتحرير بعد تطوير واجهته

حتى لافتات البازارات الشهيرة المواجهة للمتحف المصري لم تخل من لمسات التطوير؛ حيث تم إعادة تنسيقها وتوحيد ألوانها طبقًا للاشتراطات الموضوعة من جانب الجهاز القومي للتنسيق الحضاري.

أحد البازارات المواجهة للمتحف المصري

في هذا الإطار قالت الدكتورة هايدي شلبي مدير إدارة الحفاظ على التراث بالجهاز القومي للتنسيق الحضاري في تصريح خاص لـ”منطقتي”: “فور إعلان خطة الحكومة لتطوير ميدان التحرير وإعادة إحياؤه، قمنا بإزالة كل المخالفات الموجودة في الأبنية التراثية بميدان التحرير؛ نظرًا لأن منطقة وسط البلد منطقة تراثية مسجلة ولها اشتراطات خاصة، ولا يمكن السماح فيها بمثل تلك المخالفات بداية من ألوان اللافتات وصولًا إلى حجمها أمام واجهة المبنى التراثي“.

البحر وشلبي مع العمال في منطقة البورصة تصوير أحمد حامد
الدكتورة هايدي شلبي خلال جولة بمنطقة البورصة- صورة أرشيفية

لم يكن أمر تغيير لافتات محال البراندات سهلًا في بدايته، تقول شلبي، فعند التعامل وتطوير أي مبنى تراثي في وسط البلد دائمًا ما نواجه صعوبات مع أصحاب المحال الموجودة في الطابق الأرضي، خاصة وأن تلك المحال مستأجرة منذ سنوات طويلة جدًا ولا يمكنهم القبول بأي تغيير بسهولة، لذا عندما بدأنا خطة تطوير ميدان التحرير خضنا حوارًا مجتمعيًا مع أصحاب المحال الموجودة في الميدان، وساعدنا في ذلك حي غرب القاهرة لأنه الجهة المنفذة لمشروع التطوير بالإضافة إلى محافظة القاهرة.

تطوير لافتات الشركات المحيطة بميدان التحرير

وتابعت شلبي: “عند بدء الحوار مع أصحاب المحال، استعنا بصور لبعض الماركات العالمية الموجودة خارج مصر، منها ماركات مماثلة لتلك الموجودة في ميدان التحرير، وتتواجد في منطقة تراثية مثلًا في قلب روما، إلا أنها تلتزم باشتراطات المناطق التراثية وبالألوان المحددة الموجودة في تلك المنطقة، وطلبنا من أصحاب المحال أن يحذوا حذوهم في الالتزام باشتراطات المناطق التراثية“.

بعض الماركات العالمية الموجودة خارج مصر

أما عن خطوات تنفيذ الفكرة على الأرض، أشارت الدكتورة هايدي شلبي إلى أنه كانت هناك بعض المحال الشهيرة والماركات في ميدان التحرير والتي انتهت مدة ترخيصها، فرفض حي غرب القاهرة تجديد الرخصة إلا بعد قيام أصحاب تلك المحال بالموافقة على تنسيق اللافتات طبقًا للمواصفات المطلوبة، ومن هنا كانت انطلاقة تطوير الميدان“.

تطوير واجهات المحال والشركات المحيطة بميدان التحرير

وتابعت مدير إدارة الحفاظ على التراث بالجهاز القومي للتنسيق الحضاري أنه فور الانتهاء من أعمال تطوير ميدان التحرير سننتقل إلى مرحلة أخرى لتنسيق لافتات المحال التجارية في كل من شارع قصر النيل وميدان طلعت حرب، لتكون وسط البلد منطقة تراثية بامتياز“.

تطوير واجهة مجمع التحرير

ويشهد ميدان التحرير أعمال تطوير جذرية بدأت منذ أشهر قليلة؛ فإلى جانب ترميم مسلة الملك رمسيس الثاني ووضعها على قاعدة تحملها وسط الميدان، هناك أيضا أعمال تشجير، كما قامت أجهزة المحافظة بإعادة طلاء كافة العقارات ذات الطابع المعماري المتميز المطلة على الميدان ورفع جميع الإعلانات من على المباني وأعلى المباني التراثية، كما أعيدت تطوير واجهة مجمع التحرير وإضافة لمسات تراثية إليها لتتناسب والمنظر العام للميدان.

الوسوم
إغلاق
إغلاق