الجاليري
مربى عبد الخالق ثروت!

إذا مرَرَتَ يوما من شارع عبد الخالق ثروت، ربما تُلفتُ انتباهكَ لافتة قديمة معلّقة بطول إحدى عمارات الشارع، وإذا كنت من جيل كاتب هذه السطور أو أكبر، فربما تجعلُ هذه اللافتة لعابكَ يسيل بشكل لا إراديّ! إنها لافتة واحدةٍ من أقدم وأعرق الشركات الغذائية المصرية: شركة “قها” للأغذية المحفوظة، صاحبة المربى الأسطوريّة التي تعجّ بقطع الفاكهة الضخمة، والتي كانت تأتي في علب كبيرة من الصفيح، وكنت تجدها في كل بيت مصري.
تأسّست الشركة عام 1940 في “قها”، المدينة التي أخذت الشركة اسمها منها. تم تأميم الشركة في عهد عبد الناصر، ثم تم خصخصتها في عصر مبارك، ثم استعادتها الحكومة مرة أخرى بحكم قضائي بعد أن خرَّبها المستثمر.
صعدتُ إلى الشركة مسحوبا بخيط خفيّ من النوستالجيا كان يتصاعد من مقرّ الشركة موقظا براعم الشّم والتذوّق، لكن أحزنني أن يكون المقر إداريا فقط لا يبيع المنتجات، كما أن الموظف الذي قابلته لم يكن يعرف أين تباع مربات قها، فعدت بخفيّ حنين، لكن ما عوضني قليلا هو رؤية صفيحتين من المربى كانتا موضوعتين في فاترينة زجاجية للعرض فقط، أكدا لي أن تلك الصفائح القديمة لم تكن أضغاث أحلام أو من وحي الخيال وأنها كانت موجودة فعلا، وأخذت أتساءل: هل لازالت قطع الفاكهة الضخمة تعوم بداخل هذه الصفائح كالماضي؟ أم أنها صارت كأي مربى أخرى من مربات اليوم المليئة بالبكتين والألوان الصناعية؟
المكان: 43 شارع عبد الخالق ثروت، وسط البلد.
121 تعليقات