حوارات صحفية

المهندس طارق والي: مشروعات التطوير في وسط البلد ينقصها التطوير!

نقرأ في هذا الحوار

—————————

لا أحب مصطلح القاهرة الخديوية، فهو تعبير غير دقيق ولا يعبر عن واقع المكان

لابد أن تعود المنطقة مركزا ثقافيا وتنويريا للعاصمة كما كانت

تحويل الأبنية بعد تفريغها من المقرات الحكومية إلى متاحف أشبه بتحويلها لمومياء معروضة للجمهور

أحلم بتطوير المنطقة المحيطة بقصر سعيد حليم في “شامبليون

حوار- هند الشناوي

الحفاظ على الهوية”.. كلمة السر التي اعتمدها المهندس المعماري الدكتور طارق والي في أعماله المعمارية.

الدكتور طارق والي أحد أعلام العمارة في مصر، يرأس ويدير مركز طارق والي للعمارة والتراث، ويعمل لأكثر من 40 عامًا في مجال العمارة والعمران، دارت الكثير من أعماله المعمارية وكذلك الفكرية حول الارتقاء بالإنسان والمعمار والعمران، وله بصمته في مشروعات هامة مثل مشروع تطوير هضبة الهرم، ومشروع تطوير منطقة أبيدوس الأثرية في سوهاج، ومشروع تطوير شارع السوق في أسوان، وغيرها من المشروعات.

المعماري طارق والي- تصوير: عبد الرحمن محمد

في مكتبه في ٢٠ شارع عدلي بوسط البلد كان لنا لقاء معه، تحدث خلاله عن بداياته وتأثره بالمعماري حسن فتحي، وأحلامه لمنطقة وسط البلد، فإلى نص الحوار..

في البداية يقول الدكتور طارق والي: “من وقت ما وعيت على الدراسة والعمارة وأنا مهتم بالبلد وبحاول أفهمها، الموضوع موجود في الجذور ليس وليد اللحظة، مارست العمارة من وقت التخرج في أوائل السبعينات حتى وقتنا هذا، سافرت خارج مصر لفترة، في البحرين عملت شغل هناك له علاقة بالهوية البحرينية والخليجية، أي مكان أتواجد فيه بمارس العمل من خلال رؤيتي ومفهومي للعمارة المرتبط بالإنسان والبيئة والمكان والثقافة، فهو عملية فكرية”.

مكتب المهندس طارق والي بشارع عدلي

حصل الدكتور طارق والي على بكالوريوس في الهندسة المعمارية من جامعة القاهرة، كما حصل على درجة الماجستير والدكتوراه في نفس التخصص، وبعد تخرجه أطلق العنان لإبداعاته في العمارة حتى افتتح مركزًا للعمارة والتراث في منطقة وسط البلد.

تكريم المهندس طارق والي من الجهاز القومي للتنسبق الحضاري

“أهم ما يميز عملي أنه ينتمي للثقافة العربية بشكل أساسي، بما فيها الثقافة المصرية كجزء من عروبتنا، وأن يكون مواكبًا للعصر فهو ملائمة بين المكان بثقافته وحضارته ومشاكله ومتطلبات الإنسان الموجود فيه، وبين العصر ومتغيراته سواء أكانت تقنيات حديثة أو علوم حديثة أو فكر حديث فهي عملية تجديد فكر طوال الوقت”.

 تأثر الدكتور طارق والي كثيرا بالمعماري حسن فتحي، وعن هذا التأثر يقول:

المعماري حسن فتحي

“تعرفت على المعماري حسن فتحي قبل أن ألتقي به وجهًا لوجه من خلال  كتابه “قصة قريتين” وكانت معرفة من وقت الدراسة، ومن خلال العمل نفسه، بعد أن تخرجت ذهبت إليه في القلعة في درب اللبانة، عملت معه، ولكن انقطعت فترة بسبب التحاقي بالقوات المسلحة فترة التجنيد، لكن ظلت علاقتي به علاقة فكرية”.

ويضيف والي: “ما كان يميز معمار حسن فتحي هو أنه معمارًا مصريًا، ولكنه لم يكن له بصمة معمارية في منطقة وسط البلد، كل عمله كان في أطراف القاهرة، في المرج ودهشور وغيرها، كانت عبارة عن مساكن خاصة لبعض الشخصيات الهامة، لكن أهم المشاريع التي قدمها كان مشروع حلمه في قرية القرنة بالأقصر، كان يحلم أن يرتقي بالقرية المصرية والفلاح المصري منذ الأربعينات، وله تجربة في الواحات ولكنها لم تكتمل”.

قرية القرنة بالأقصر

يرتبط الدكتور طارق والي بمنطق وسط البلد ارتباطا عضويا أكثر منه مهنيا، يقول: “لا أحب مصطلح القاهرة الخديوية، فهو تعبير غير دقيق ولا يعبر عن واقع المكان، فوسط البلد أو حي الإسماعيلية أو حي التوفيقية هو تعبير أوقع. وارتباطي بوسط البلد ليس ارتباطًا مهنيًا، فقد نشأت في منطقة وسط البلد، حيث منزل العائلة في شارع قصر العيني، وكانت دائمًا بالنسبة لي هي الملتقى الثقافي الذي تربيت في وسطه، والمقاهي التي جلست عليها أستمع للمثقفين، والندوات التي حضرتها للفنانين في الندوة الثقافية، وسط البلد هي السينمات والمسارح واستوديوهات الفنانين والمطاعم ذات الطابع الخاص ومحلات الأنتيك، فهي مزيج ثري، وارتباطي بها ارتباط روحي”.

ممر الألفي بوسط البلد- تصوير: صديق البخشونجي

سألناه عن رأيه في مشروعات التطوير المختلفة التي تشهدها وسط البلد موخرا، أجاب: “مشروعات التطوير التي تتم في منطقة وسط البلد ينقصها التطوير! فمعظم ما يحدث في المنطقة هو تجميل فقط للواجهات ورصف الشوارع وإعادة الرصف أكثر من مرة، وفتح وغلق شوارع، فكلها مشروعات لتجميل الصورة العامة لكنها ليست تطوير بالمعنى الحقيقي”.

ميدان طلعت حرب بعد انتهاء تطويره- تصوير: عبد الرحمن محمد

كيف يمكن إذا الحفاظ على الطابع المتميز لوسط البلد؟

“لابد أن تعود وسط البلد لما كانت عليه، أن تكون المركز الثقافي والتنويري للقاهرة، فأين المسارح الآن والسينمات وصالونات الثقافة والفكر، وأين المكتبات! لابد من استعادة كل هذا لتعود وسط البلد وتؤدي رسالتها التنويرية والتثقيفية لخدمة القاهرة ككل”.

وما رأيك في استغلال الأبنية التراثية في وسط البلد بعد تفريغها من المكاتب الحكومية؟

“تحويل الأبنية بعد تفريغها من المقرات الحكومية إلى متاحف أشبه بتحويلها لمومياء معروضة للجمهور، لكننا نريد لتلك الأبنية أن تبقى حية وتؤدي دورًا في خدمة رواد وسط البلد، فيمكن تحويلها لمكتبة أو جاليري أو صالون ثقافي أو مسرح أو سينما، وفي كل الأحوال لابد من عمل دراسة مدققة لكل مبنى على حدة لبيان علاقته بما يحيطه وما الخدمة المناسبة التي يمكن أن يقدمها، والنشاط الذي يمكن أن يستوعبه، وكذا طبيعة المبنى نفسه”.

مجمع التحرير - تصوير: صديق البخشونجي
مجمع التحرير – تصوير: صديق البخشونجي

كان للدكتور طارق والي مشروعًا لتطوير القاهرة الفاطمية لكنه لم ينفذ، حيث يقول: “في أوائل الثمانينات، فكر وزير الثقافة  آنذاك فاروق حسني، في مشروع لإحياء القاهرة الفاطمية من خلال إعادة تأهيل المباني التراثية الموجودة فيها، فاختارنا ستة مواقع محيطة بمركز المنطقة في الأزهر والحسين، منها بيت زينب خاتون، بيت جمال الدين الدهبي، منطقة تقاطع الأزهر مع شارع المعز، وبيت الست وسيلة، وغيرها. وكان المشروع يستهدف ترميم وصيانة تلك الأبنية وإعادة توظيفها بهدف خلق مجالات حيوية داخل وسط القاهرة الفاطمية، وبالفعل بدأنا في تخطيط المشروع، وقام الفنان فاروق حسني بعرضه على الرئيس الأسبق حسني مبارك، وحصل على موافقة بالتمويل، وبدأنا في بعض الرسومات التنفيذية، وبالفعل بدأنا في تطوير أول مبنى، ولكن توقف المشروع لأسباب غير معلومة”.

بيت زينب خاتون

هل لك أن تحدثنا عن أهم مشروعاتك من وجهة نظرك؟

“كل مشروع له مذاق خاص، ومؤخرًا انتهيت من عدة مشاريع منها تطوير منطقة أبيدوس الأثرية في سوهاج، وتم افتتاحها منذ نحو ثلاثة أشهر، ومشروع تطوير شارع سعد زغلول بأسوان أو ما يطلق عليه شارع السوق والذي تحول من شارع إلى ممر للمشاه تقدم فيه كل الخدمات للجمهور من ناحية البازارات والمظلات، بالإضافة إلى مشروع تطوير هضبة الهرم المتوقع الانتهاء منه قريبًا بحيث تتحول المنطقة إلى منطقة سياحية بامتياز ويتم القضاء على مشكلات الباعة الجائلين فيها ومشكلات أصحاب الخيول والجمال، من خلال فصل أماكن الخيول عن المنطقة الأثرية، بالإضافة إلى مشروع لتدشين مركز جديد لزوار منطقة الأهرامات من ناحية مدخل الفيوم، يتم فيه استقبال السياح بأتوبيسات كهربائية صديقة للبيئة، لتقوم بتوصيلهم إلى الأماكن الموضوعة ضمن خطة الزيارة، وإعادتهم مرة أخرى، وهناك مشروع آخر وهو مشروع لتدشين مركزًا للوعي الأثري ضمن خطة تطوير هضبة الهرم، تقدم فيه العروض وورش العمل والمحاضرات والتوعية الأثرية للأطفال”.

مشروع تطوير هضبة الهرم

ما هي المنطقة التي تحلم بتطويرها في وسط البلد؟

“الشوارع المحيطة بشارع شامبليون، فتلك المنطقة تعاني من الإهمال، وتحديدًا المنطقة المحيطة بقصر سعيد حليم، ولابد من استعادة الروح فيها”.

شارع شامبليون- تصوير: صديق البخشونجي
شارع شامبليون- تصوير: صديق البخشونجي

 

 

 

 

الوسوم

‫2 تعليقات

  1. تنبيه: Google
  2. تنبيه: Google
إغلاق
إغلاق