
- هذا الحوار نشر في إصدار «منطقتي»المطبوع في العدد 37 - مارس/أبريل 2018
- «الزبون» في «فسحة سمية» وإن جاء للمرة الأولى فهو «صاحب بيت»
- ترى سمية أن التوسّع يعني انتهاء فكرة «الفَسَحة» الأساسية، وتحولها إلى مكان تجاري بعمالة أكثر وزيادة في الأسعار
ثلاث ساعات فقط )من الساعة الخامسة حتى السابعة) هي كل نشاط مطعم «الفَسَحة» يوميا.. لكن المطعم الصغير الذي يقدم «أكل بيتي» والواقع في ممر أصغر بباب اللوق، صاغ حالة خاصة ومتميزة في وسط البلد منذ افتتاحه، وأصبحت شهرته أكبر بكثير من مساحته وعدد ساعات عمله.. شهرة صنعها الإخلاص في «الطبخ» وليس الطعام الجيد فقط، والحميمية التي يبثها المكان في نفوس رواده، وإصرار «سُمية» وقوتها ومحبتها لما تفعله.
التقينا سمية الأسيوطي في «الفسحة» وهي تقوم بإعداد وجبة اليوم، وترد على الزبائن الذين يحجزون كرسيا لأنفسهم بتدوين الأسماء في كراس صغير أمام «شِباك» المطبخ، فالوقت محدود والأماكن أيضا، ومن لم يحجز لا مكان له اليوم.
البداية
تحكي سمية الأسيوطي كيف راودتها فكرة افتتاح مطعم صغير في وسط البلد يقدم طعاما مختلفا عن السائد في المطاعم الأخرى، قائلة: « قبل ثورة يناير، كنت أعمل في (دار ميريت للنشر) بشارع قصر النيل، ومع استمرار تواجدي في الدار طوال النهار، كنت أفكر دائما في طريقة للاقتصاد قدر الإمكان من شراء الطعام والشراب من السوق». تضع سمية الصينية على النار، وتواصل: «قررت أطبخ بنفسي توفيرًا للنفقات بعد البحث حول العديد من المطاعم. «نزلت السوق فورًا كأني هطبخ في بيتي تمامًا. زملائي في الدار وضيوف المكان أعجبهم الأكل وأصبحت مشهورة بالطعام الذي أطبخه».
مع الوقت، ألحّ الأصدقاء على سمية بالعمل على مشروع مطعم يمكنها من خلاله استغلال موهبتها في الطبخ وجمال «نفَسها في الأكل»، رفضت في البداية حتى فوجئت أن أصدقاءها بحثوا واختاروا لها المكان في باب اللوق.
تؤكد سمية دائمًا أن منطقة وسط البلد بالتحديد تساعدها بشكل كامل على نجاح المشروع، في حين هناك مساعدة أخرى لا يكتمل المكان بدون وجودها.. «منال»، الشابة الجامعية التي تساعدها، والتي لم تجد «سمية» بديلًا لها حتى في فترة امتحاناتها وتقاعدها الإجباري.
منال: أكون سعيدة وأنا هنا
ولدت منال في الأقصر، ثم جاءت للقاهرة وهي بنت خمسة أعوام، تعيش حاليًا في حي بولاق. تقول لـ«منطقتي» إنها تعتبر وسط البلد مكانا يمثل لها اختلافا كبير في التعامل وفي نوعية الأشخاص الذين تقابلهم.. «أكون سعيدة وأنا هنا».
مطعم «الفَسَحة» له طابع «أمهاتي»، لا يدل عليه اسم المطعم فقط.. فـ «الفَسحة» في اللغة المصرية هي «صالة البيت» التي يجلس فيها الأصدقاء والجيران بحرية.. و«الزبون» في «فسحة سمية» وإن جاء للمرة الأولى فهو «صاحب بيت»، أيضا لن تغادر مكانك قبل أن تنتهي من طبقك، كذلك لن تحصل على طبق إضافي قبل الانتهاء منه.
خصوصية فسحة سمية
ترى سمية أن التوسّع يعني انتهاء فكرة «الفَسَحة» الأساسية، وتحولها إلى مكان تجاري بعمالة أكثر وزيادة في الأسعار. ثمة شيء تفهمه سمية جيدًا: المكان هو تلك العائلة الصغيرة، العاملون والزبائن الذين يعرفون جيدا القواعد، فليس هنا قائمة طعام متنوعة تختار من بينها، بل وجبة تحددها سمية سلفا وتعلن عنها على صفحة «الفسحة» على فيس بوك قبلها بيوم.. هذه القواعد هي ما تصنع للمطعم الصغير خصوصيته، وأي تغيير قد يطيح بالمعادلة والروح.
تنتهي سمية من «صينية البطاطس» وتدخلها الفرن، وتستكمل حديثها: «لازم تاخد بالك أن الأمر في وسط البلد دلوقتي بقى سيء شوية، خصوصًا بعد التعويم، الحالة الاقتصادية بقت مش ولا بدّ… محدش معاه فلوس».
أسأل سمية عن المشكلات التي تعرضت إليها كسيدة تدير مشروعا تجاريا في مكان مكتظ مثل باب اللوق. تقطع سمية الطريق برد واضح: «أنا قوية بطبعي، والثورة قوّتني أكتر».
تعليق واحد