شوارعنا

فواكه وسيارات وخديوي!

لم يكن حظ توفيق الصغير جيدا في علاقته بأبيه الخديوى إسماعيل

شيئان مختلفان سرعان ما تتبين أنهما الشىء نفسه، يجمع بينهما سوق التوفيقية، للوهلة الأولى يبدو الفارق شاسعا بين الفواكه وقطع غيار السيارات، بين الطعام اللذيذ الطرى المغذى والهياكل المعدنية والبلاستيكية المتنوعة، غير أن من عركته الحياة القاهرية سرعان ما يتبيّن الأمر المشترك، إنه البحث عمّا لا تجده فى أى وقت وأى مكان. كان السوق يسمّى سوق “الوحمة”، لعدم ارتباط الفواكه فيه بموسمها المفترض، فما أن “تتوحّم” المرأة على فاكهة معينة، حتى لا يكون أمام رجلها بدّ من الذهاب مسرعا إلى التوفيقية، سرعان ما تعرف أنه الأمر نفسه بالنسبة للسيارات، مهما كان نوع سيارتك، ومهما بحثت عن ما يناسبها،سيهزّ الميكانيكي كتفيه قبل أن ينطق العبارة الأثيرة: تلاقيه فى التوفيقية.

الخديوي توفيق (1852 - 1892)
الخديوي توفيق (1852 – 1892)

لم يكن حظ توفيق الصغير جيدا في علاقته بأبيه الخديوى إسماعيل، ولد توفيق من “مستولدة” وليس من أى من زوجات إسماعيل الرسميات، غير أن الحظ ابتسم فجأة لتوفيق حين صدر الفرمان العثمانى بعزل إسماعيل، وجد توفيق نفسه فجأة على عرش مصر فى العام 1879، ولم يبد على استعداد للتنازل عنه حتى لو كان معنى ذلك ترحيبه بالاحتلال الإنجليزى الذى وصل مصر بعد 3 سنوات، وتصديه -المدعوم بالأجانب- للثورة العرابية، أول ثورة منظمة ضد سلالة محمد على، انهزم عرابى واستقر الانجليز فى مصر وارتاح توفيق على عرشه المزيّف، حتى وفاته عن عمر لم يتجاوز 39 عاما فى قصره بحلوان عام 1893.

وعلى الرغم من قصره فى حلوان، ومن “الترعة التوفيقية” التى افتتحها، و”الخطط التوفيقية” التى أنجزها علي مبارك فى زمنه وسمّاها على اسمه، لا يتردد اسم توفيق بأكثر ما يتردد عند ذكر “سوق التوفيقية”، وهو جزء من حى التوفيقية الذى تسمى باسمه في وسط البلد، ويقع بين مثلث رؤوسه شوارع 26 يولية ورمسيس والألفى. لقد بقى اسم توفيق على السوق رغم من أن المنطقة صارت تحمل اسم عرابى، الضابط الذى ثار على توفيق وانهزم فى المعركة، لكن اسمه بقى فى الميدان.

الوسوم

تعليق واحد

  1. تنبيه: Google
إغلاق
إغلاق