فنون
مدن تلهث في ماراثون الصورة

عقد مركز الصورة المعاصرة عرضا فنيا شمل المساهمات الفائزة في ماراثون الصورة الذي عقد في الفترة ما بين 8 مايو و29 مايو 2018 والذي دار بالتوازي في كُل ٍمن القاهرة ورام الله وكوبنهاجن، كما تم عرض فيديو توثيقي من إنتاج Medrar TV ليوم الماراثون.. منطقتي كانت هناك عند خط نهاية المارثون.

زحــام وأصوات أبــواق مزعـجـة
إللي يطول له رصيـف يبقى نـجى
لـو كـنـت جـنـبي يـا حـبـيـبي أنـــا
مش كنت أشوف إن الحياة مبهجة
هكذا تغنى صلاح جاهين البهجة في رباعيته وهو يذرع المدينة الكبيرة جيئة وذهابا، وهكذا صبت المدينة العتيقة في وجدانه كل هذه الضوضاء التي تصل حد التيه.. وفي مارثون الصورة يحاول المتبارون قنص روح المدينة والاستماع لها وتوثيقها وطبعها ونشرها في يوم واحد فقط!
التحدي الذي يبدو كبيرا يشمل ثلاث مدن عريقة هي القاهرة ورام الله وكوبنهاجن. بكل ما تحمله تلك المدن من خصوصية ثقافية وتاريخية وعلى القناصين الذين يستخدمون كاميراتهم لاستنطاق الحجر والبشر أن يجروا تحديهم هذا وفق 4 محاور وعكسها وهي:
هم والعكس، أبشع شيء في العالم والعكس، البطل بالنسبة لي والعكس، الاستسلام والعكس.
المحاور الأربع وعكسها شكَّـلت منطلقا مفاهيميا للأعمال الفنية وهو ما أكدته المصورة الفوتوغرافية رندا شعث من أعضاء لجنة التحكيم والتي ضمت إلى عضويتها أيضا كل من الفنانة البصرية رنا النمر والفنان محمد الحديدي.

تقول رندا شعث:
“هناك تعليمات وشروط للمارثون يتم التزام المتبارين بها، لكن في مرحلة التحكيم لم يكن التركيز على جماليات الصورة أو التحرير قدر الإبتكارية فيها. وتذهب أغلب الدرجات إلى تحقيق المفهوم المراد.”
…

تضيف هناء محسن أحد المشتركين في المارثون أن التحدي كان في كيفية إنجاز فكرة ما خلال فترة معينة خاصة في ظل شرط قاسٍ للغاية وهو عدم التدخل في ترتيب الصور فلا مجال لإخراج الذاكرة من الكاميرا، أو إعادة التصوير، فأغلبنا يلتقط الصور عرضا، أو كما نعرف “التصوير رزق” وتكون الصعوبة في التركيز حول الفكرة المستهدفة التي قد لا تصلين إليها. لكنها تذكر أنها فازت في محور “أبشع شيء في العالم والعكس” من خلال صورتين جسدت إحداهما مدخل عمارة مسدودا بمجموعة من الأنابيب والصورة الأخرى طائر محلِّقا في السماء. وهو المفهوم الذي سيتكرر ضمنا وصراحة في العديد من صور المارثون حيث شكلت فكرة الحرية هاجسا لدى المتسابقين.
…

من أسيوط تأتي المصورة دعاء نصر والتي تشارك في المارثون للمرة الثانية بعد أن خاضته في أسيوط في العام 2013. ورغم كونه مجتمعا محافظا يعتبر التصوير وبالذات للإناث غريبا بعض الشيء، إلا أنها نجحت في العمل في موقع أولاد البلد بأسيوط، وتشترك في مارثون القاهرة بتحدي المفهوم الذي يشترطه المارثون حيث تعترف دعاء أن المصورين عادة ما يصورون أولا ثم يضعون عنوانا لصورهم عكس هذه المرة حين التقطوا صورهم تحت مظلة 4 مفاهيم.
…

الجسد بوصفه وسيطا تظهر فيه كل التحولات السياسية والإجتماعية تعكسه الكاميرا كما سجلته صور محور “هم والعكس” حين ظهرت الفاترينات بملابس المانيكانات المبهجة فيما تمرق فتيات المدينة الحقيقيات بملامح جهمة وملابس تكفنهن.
في حين تكون الجنوسة والجندرية مواضيع لذات المحور في كوبنهاجن حين يلتقط المصور “بيل روستيد كريستنسن” صورة لأحد مثليي الجنس مقابل رجل يغالي في ارتداء ملابسه الذكورية.
أما في المدن المشرقية (رام الله والقاهرة) سيكون للمعمار دور بطولي.. فموتيفات كالمعابر الأمنية والجدار العازل ستتكرران في مارثون رام الله، في حين تبرز المدينة وأسطحها ومقاهيها بجلاء وثقل في المارثون القاهري.
تؤكد رندا شعث على تميز أعمال المدن العربية بالمقارنة بكوبنهاجن التي مال معظم انتاجها إلى المباشرة كالمقارنة بين الزهرة والقنبلة، أو الطعام الصحي والطعام السريع، وتدلل على ذلك بتعدد الفائزين العرب لكل ثنائية بخلاف الفائزين عن مجمل الأعمال مما يجعلك تمتن لذلك الصخب الذي أفضى إلى ثراء في الرؤى لماراثون مدننا الشرقية السعيدة.