مقالات
أهلا بالدراجات!

هذا المقال تم نشره في جريدة منطقتي – العدد السابع عشر – نوفمبر 2014
ونعيد نشرها اليوم بمناسبة: توقيع محافظ القاهرة اتفاقية مشروع “بسكلتّة”.
«عبط»، «جنون»، «معيلة»، «فكرة حلوة»، «استعراض»، «بروباجندا»، «بتقلدوا السيسي»!
عند تجربة نزولنا إلى الشارع لركوب الدراجات بشكل جماعي، كان هذا جانبًا من التعليقات التي سمعناها في الشارع، لكن الحقيقة أننا فعلنا ذلك لنحرك المياه الراكدة.
هل من الخطأ أن نحلم بـ«وسط بلد» تسمح لنا شوارعها- أنا وأنت- بركوب الدراجة، كوسيلة مواصلات نذهب بها إلى أعمالنا، أو حتى من باب التسلية فقط؟
أعرف أن هناك أولويات: الركن، المرور، الخدمات الحكومية، الاقتصاد…
ولكن في الحقيقة، حل مشكلة المرور يجب أن يسير جنبًا إلى جنب مع وضع خطة تجعل المدينة أكثر ترحابا بالمشاة- وحتى بسائقي الدراجات.
توسيع الرصيف وتخصيص حارات للدراجات: ليس هذا حلمًا مستحيلا.
إننا نلاحظ بعض التطورات الإيجابية. مثلا، أصبح الناس يتوقفون فعلا في إشارات المرور في وسط البلد الآن. إنها علامات صغيرة، ولكن يمكن التمسك بها وتطويرها- يمكن أن نفهم منها أننا نتقدم إلى الأمام، لكن علينا، فقط، أن نعرف إلى أين نذهب.
بدأنا نزهتنا بالدراجات ظهر يوم ثلاثاء، انطلقنا من أمام محكمة عابدين. ومضينا في شارع الجمهورية حتى ميدان عابدين، حيث توقفنا للحظة أمام مبنى محافظة القاهرة، ومنعتنا الشرطة من التصوير هنا.
ولكن لنعود إلى نزهتنا. الشوارع الواسعة للميدان والخلفية الملكية لقصر عابدين تجعل ركوب الدراجات في هذه المنطقة خبرة رائعة. يجب على المدينة أن تشجع مواطنيها وزوارها على الاستمتاع بأجمل مناطقها، كما فعلنا نحن لفترة قصيرة، قبل أن نحاط بحشد من الناس كانوا يقفون عند بوابة المحافظة لتخليص مصالحهم أو تقديم الشكاوى. عندما عرفوا أننا صحفيين أحاطوا بنا، وتوقعوا منا أن ننقل صوتهم إلى المسؤولين.
لكن سرعان ما وجدنا أنفسنا في شارع محمـد محمود المزدحم نسبيًا. هنا، سيكون من السهل تخيل حارة للدراجات يتدفق فيها المرور بنعومة بمحاذاة طريق السيارات المزدحم بعض الشيء.
توقفنا لالتقاط صور أمام الجدارية البديعة المجاورة للجامعة الأمريكية- وهي منطقة أخرى يمكن أن تتحول بسهولة إلى فضاء عام يمكن أن يجعل سكان المنطقة يشعرون بالانتماء، والترابط المجتمعي، وأن يوفر متنفسًا للأنشطة الاجتماعية المشتركة، الفنية، والثقافية، والترفيهية، وغيرها.
بعدها مباشرة، وصلنا إلى ميدان التحرير. كان الجميع تقريبًا، ونحن معهم، ينتظرون في صبر تحول إشارة المرور إلى اللون الأخضر. فقط شخصان على موتوسيكل انطلقا غير عابئين، ولم يشغلا بالهما بمشاركة بقية المركبات في التزامهم بقانون المرور .ظل الجانب الآخر من الإشارة مفتوحا لوقت طويل، وظلت السيارات تعبر التقاطع من أمامنا، لكن الجميع انتظروا بصبر حتى جاء دورنا في الانطلاق.
ثم دخلنا في كابوس طلعت حرب. لم يكن أمامنا حل سوى المراوغة بين السيارات. ومرة أخرى دعنا نتخيل كيف كانت الأمور ستصبح أكثر تنظيما بكثير إن كانت هناك حارات مخصصة للدراجات. (يمكن أن تكون برعاية إحدى شركات الدراجات الشهيرة، وتسمى باسمها مثلا.)
اخترقنا شوارع وسط البلد المزدحمة، لكننا حرصنا على القيادة في الجانب الأيمن، وفي الشوارع ذات الاتجاه الواحد، حتى وصلنا إلى تقاطع عماد الدين مع 26 يوليو. الحقيقة أنه كان إحساسا رائعا.
لكي تجعل الأشياء تحدث، افعلها بنفسك.
(كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه (هذه ليست عبارتي لكنني أتفق معها من حيث المبدأ.
وهذا كان الغرض من نزهتنا بالدراجات في الأساس.
كذلك كانت وسيلة لكي نتحاور معكم جميعا. مشروع لـ«فعالية» يمكن أن نشارك فيها معا. نزهة بالدراجات في وسط البلد يمكن أن تنظم في يوم جمعة.
حدث كبير برعاية القطاع الخاص وبالاتفاق مع الحكومة، يمكن أن نجعل منه مهرجانا حقيقيا يكشف لنا عن المزايا التي يمكن أن تقدمها وسط البلد لسكانها وروادها.
نزهات الدراجات الجماعية تُنظم طوال الوقت في مصر الجديدة، والزمالك، والمعادي، والقاهرة الجديدة، وغيرها من المناطق، فلماذا لا نشهد ذلك في وسط البلد؟
ومجددًا، أين الحارات المخصصة للدراجات؟