مقالات
رمسيس الثاني في ميدان التحرير

أولا تحية تقدير وإعزاز لجميع القائمين على تطوير ميدان التحرير، والذين يعملون ليلا ونهارا من أجل عودة الرونق الحقيقي له؛ حيث سيتزين بمسلة الملك رمسيس الثاني التي تم نقلها من منطقة صان الحجر، بمحافظة الشرقية، ليتم ترميمها وتثبيتها في ميدان التحرير.
وفي نفس الوقت أود أن أطرح قضية النسبة والتناسب والتي حرص عليها المصري القديم في العمارة، فالمعروف أن المسلات المصرية في الأصل كانت تصنع وتوضع في المعابد فقط وليست الميادين، لكن من قديم الأزل أصبحت تزين ميادين أوروبا وأمريكا، وأصبحت من إحدى المعالم الرئيسية في تلك البلدان.
ومن يشاهد بإمعان المسلات القليلة في واجهات المعابد بمدينة الأقصر يدرك تماما فكر المصري القديم في مراعاة النسبة والتناسب بين حجم و طول المسلة والأعمدة والمكان المحيط بها. وهنا بيت القصيد، ميدان التحرير تبلغ مساحته 45000 ألف متر أي حوالي 11 فدان وتحيط به عمارات تراثية قديمة، وعمارات أخري حديثة. بالإضافة إلى مجمع التحرير الضخم، وفندق ريتز كارلتون، والمتحف المصري، والجامعة الأمريكية.

فالميدان من أكبر الميادين على مستوى العالم، وعندما نضع مسلة طولها 19 مترًا في وسط هذا المكان الكبير علينا مراعاة النسبة والتناسب، حتى مع وجود قاعدة حديثة ترتكز عليها المسلة، فعلى سبيل المثال نجد مسلات فرعونية ذات ارتفاعات مختلفة، مثل المسلة المصرية الموجودة في الفاتيكان وهى من أكبر المسلات الفرعونية ويقال أن ارتفاعها يبلغ 32 مترًا، لكن في نفس الوقت أنظر إلى المساحة الكبيرة لميدان الفاتيكان وتناغمها مع طبيعة المكان، علينا ملاحظة وضع المسلات المصرية الفرعونية مختلفة الأحجام والارتفاعات وتناسبها مع المباني ومساحة الميادين المحيطة بها.
في وسط البلد أيضًا في القاهرة الخديوية مثال آخر لتمثال إبراهيم باشا بميدان الأوبرا القديمة، يشهد على قمة التناغم والانسجام في التناسب مع مساحة الميدان ومع الأبنية العريقة الموجودة حوله.
مثال آخر على أهمية مراعاة النسبة والتناسب، شاهد تمثال عميد الأدب العربي طه حسين في ميدان الجلاء بالجيزة، ستجد انعدام تام في مراعاة حجم التمثال مع الميدان والمباني المرتفعة مثل فندق شيراتون القاهرة الضخم ، لدرجة أن المارة لا يشاهدون هذا التمثال ولا يجذب انتابهم. أجدادنا العظماء كانوا من أفضل الشعوب في مراعاة النسبة والتناسب ويشهد على ذلك الميادين والعمارة القديمة التي وصلت إلى الكمال.
2 تعليقات