مقالات

طارق عطية يكتب: القاهرة بين باريس وروما

كثير من الناس لا يرون ذلك، لكن هناك شيئًا كبيرًا يحدث في وسط البلد.

هذا الشئ سوف يحتاج إلى سنوات عدة لكي يكتمل، لكن إذا سارت الأمور وفقًا للخطة الموضوعة سوف نتمتع أخيرًا بوسط البلد التي نحلم بها.

وأنا أتكلم هنا عن الزخم المتزايد، عن الاهتمام بتطوير هذه التحفة التاريخية المسماة بوسط البلد والحفاظ عليها، والسعي للاستفادة من جميع إمكانياتها.

بالنسبة لي شخصيًا، أرى أن الاهتمام بوسط البلد عملية مستمرة من التعلم يومًا بعد يوم.

طارق عطية
طارق عطية

لقد وقعت في غرام وسط البلد منذ أكثر من عشرين عامًا، منذ أن بدأت العمل في مؤسسة الأهرام في أوائل التسعينات. ثم ازداد حبي وتقديري لوسط البلد عندما فتحت فيها مكتبي، وأسست جريدة منطقتي قبل أكثر من ست سنوات تقريبًا.

ومؤخرًا، انضممت إلى اللجنة القومية لتطوير وحماية القاهرة التراثية، ما سمح لي بأن ألعب دورًا خدميًا تطوعيًا في المساعدة على التخطيط من أجل مستقبل أفضل لهذه المنطقة شديدة الأهمية.

وهنا، أحب أن أطرح عليكم فكرة صغيرة، راودتني بعد أن قمت برحلتين إلى أوروبا مؤخرًا: نحن نقول دائمًا إن وسط البلد تشبه باريس. ربما كانت كذلك من ناحية المهندس الذي خططها فرنسيًا، ومن ناحية تأثر الخديو إسماعيل بزيارته ل” المعرض العالمي” هناك في منتصف القرن التاسع عشر.

الخديو إسماعيل في لقاء هاوسمان في معرض باريس

مع ذلك، فحين زرت باريس، ثم عاصمة تاريخية عظيمة أخرى- هي روما- توصلت إلى استنتاج مثير.

الواقع أن القاهرة أقرب إلى روما من حيث تكوينها التراثي. فروما، مثل القاهرة، شُيدت على طبقات متتالية من التراث. وعبقرية التخطيط والتطوير في روما تكمن في قدرة المدينة على تشييد جسور تصل بين مختلف المناطق التاريخية، وتمنح الزوار- من السياح وأهل المدينة على حد سواء- خبرة مدينية رائعة ومتكاملة.

Desc: View of Exposition Universelle (Universal Exhibition), Paris, France, 1889, engraving ¥ Credit: [ The Art Archive / MusŽe Carnavalet Paris / Dagli Orti ] ¥ Ref: AA371361
وقد كان لذلك بالطبع أثره الإيجابي على الاقتصاد الإيطالي، وعلى غرس إحساس هائل بالفخر لدى الإيطاليين.

وحين نقارن أنفسنا بروما، نجد أننا هنا، في القاهرة، لدينا طبقات تاريخية أكثر عددًا.

لكنها تظل حتى الآن جزرًا منفصلة. فالمؤكد أن الخبرة التي يمنحها “شارع المعز” والقاهرة الفاطمية، تختلف كثيرًا عن تلك التي تجدها في القاهرة الخديوية ووسط البلد المعاصرة.

مع ذلك، يجب أن نضع رؤية تجمع هذه الطبقات التاريخية المختلفة، وتنظر إليها بوصفها أجزاء متشابكة من تراث المدينة. ويجب أيضًا أن نترجم ذلك إلى مفاهيم عمرانية وحضرية تستطيع أن تعكس كل ذلك على الأرض.

ونحن في منطقتي سوف نسعى لاستكشاف هذه المفاهيم والأفكار في الأيام والشهور والسنوات التالية.

الوسوم
إغلاق
إغلاق