الأخبارالتقارير

بعد وفاة حسن كامي .. ما هو مصير مكتبة المستشرق؟

رحل عن عالمنا الفنان الأوبرالي العالمي حسن كامي، صباح أمس الجمعة، وبرحيله فقدت وسط البلد مالكًا لواحدة من أقدم مكتبات المنطقة، هي مكتبة المستشرق الكائنة في شارع قصر النيل. 

قصة حسن كامي مع المكتبة هي قصة حب طويلة، عشِقها كما عشِق فنه وأخلص له، وزوجته كانت سببًا رئيسيًا في ارتباطه بتلك المكتبة العريقة التي لم يغادرها يومًا حتى وفاته.

كان ل”منطقتي” حوارًا مع الفنان حسن كامي، نُشر نهاية ٢٠١٥ في العدد الورقي الخامس والعشرون، ضمن الملف الذي حمِلَ عنوان “وسط البلد.. جنة الكتب والمكتبات”.

في هذا العدد تحدث “كامي” عن قصة شرائه للمكتبة، ولماذا ارتبط بها بعد وفاة زوجته.. وإلى نص الحوار.

في البداية قال حسن كامي: “المكتبة أنشأت عام ١٩٥٣ على يد رجل سويسري يدعى “فيلدمان”، ثم سافر الرجل في العام ١٩٥٧ خارج مصر وباع المكتبة لمساعده، على غرار أحداث فيلم “لعبة الست” حينما باع صاحب الدكان التجارة مكانه لمساعده نجيب الريحاني مقابل وضع مبلغ مالي معين يصله لرصيد البنك حتى انتهى المبلغ وصارت المكتبة من حقه”.

كان كامي من أهم زبائن المكتبة وكان يشتري منها عشرات الكتب بشكل دوري حتى أنه قال لصاحبها في يوم من الأيام: “أنا أستحق إني أكون اشتريت المكتبة من كتر الفلوس اللي دفعتها عندك” فرد عليه صاحب المكتبة: “لما تشوف حلمة ودنك، مفيش حد في مصر كلها يقدر على قيمة المكتبة دي!”.

واستكمل كامي الحكاية مشيرًا إلى أنه في تلك الفترة كان يغني في الأوبرا ويجتهد لجمع المال سواء من خلال عمله في السياحة أو الأوبرا، ليعطيه لزوجته نجوى لتقوم بادخار المال، وفي فترة من فترات حياته قرر أن يدخل مشروعًا للبواخر النيلية، ومر على المكتبة في هذا اليوم لأنه كان بوسط البلد يشارك في انتخابات نادي السيارات، ووجد حينها صاحب المكتبة الجديد قد أصيب بالشلل ومريض جدًا، وطلب منه الرجل أن يشتري المكتبة قائلًا: “أبوس جزمتك اشتري المكتبة وانقذ الكتب اللي فيها عشان في حد عايز يشتريها ويعمل محل لتجارة الأحذية ويدفع كذا ويرمي الكتب في الشارع”. 

حينها لم يفكر كامي في شيء سوى المكتبة التي ظل زبونًا لها على مدى ١٧ عامًا، حتى أنه كتب عقد الشراء وهو موجود بالمكتبة ومنح الرجل كل ما معه من مال ثم قام بتوقيع شيكات لمدة عامين وبالفعل أصبح صاحب المكتبة منذ عام ١٩٨٦.

في ذلك الوقت كانت زوجته تعمل بمشروع تجاري فأخبرها أنه اشترى لها تلك المكتبة، مما أسعدها كثيرًا لشغفها وحبها للقراءة، وجاءت إلى المكتبة وظل صاحبها القديم معها لمدة شهر ليشرح لها ما يحدث في المبيعات وما يجب أن تقوم به ثم مات بعد ذلك لمرضه الشديد.

لم تستمر سعادة كامي لأكثر من ٢٥ عامًا حتى رحلت زوجته وتركت فراغًا بالمكتبة، حاول كامي أن يتحمله بالمرور يوميًا على المكتبة ليتذكر سنوات حياتهما معًا.

“لما ربنا افتكرها من ٣ سنين جيت أنا، وكنت بطلت غنا أوبرا والجري وجيت أقعد في رحاب المكان اللي هي أسسته ووضبته، وهيا كانت غالية عليا أوي ما شفتش في حياتي ست زيها، ومن ذكرياتي العزيزة إنها كانت تقعد هنا تشتغل.. تبيع.. تشتري.. ومعتزة بالمكان ده، وأنا بعتز أوي بالبصمة اللي عملتها نجوى وهي إننا دوِّنا كل الكتب دي في الكمبيوتر واتعمل ويب سايت بحيث إن كل الناس تعرف عندنا إيه من الكتب، ولسه شغّال معايا الشابين اللي هيا عملتهم البيع والشرا”.

كامي تحدث أيضًا عن نوعية الكتب الموجودة بالمكتبة خلال حديثه ل “منطقتي”، فلفت إلى أنهم يبيعون ويشترون الكتب التي تتناسب مع طبيعة عملهم كالطبعات النادرة بلغات مختلفة عربية وفرنسية وإنجليزية وألمانية، كذلك الكتب التي تتحدث عن الصرفيات والسير والتاريخ المصري والاكتشافات الفرعونية والإسلامية وكل هذا موجود لديهم، كما يتعاملون مع أعضاء السلك الدبلوماسي وأساتذة الجامعات وبعض المراكز الثقافية، لكن لا توجد لديهم الأعمال الجديدة كالروايات”.

وأضاف أن الكتب التي يبيعها يحصل عليها من مكتبات شخصية يكون صاحبها لديه أكثر من نسخة ويبيعها حسبما قال أقل من الأسعار العالمية بنسبة ٢٥ بالمائة، ولا يتعامل صاحب “المستشرق” مع دور النشر لأنها لا تلبي احتياجاته، أما من يريد كتابًا فإنه يرسل إليه من الخارج ويحدد موعد لاستلامه، حيث لم يكن كامي يفضل إرسال الكتب بالبريد حتى لا يتمزق الكتاب وتعود المسئولية عليه لذلك فإنه يسلم الكتاب من المكتبة.

بعد تلك الرحلة الطويلة التي خاضها كامي وحافظ على كل ركن في المكتبة لتظل باحة لذكرياته مع زوجته، رحل كامي عن عالمنا، صباح الجمعة، ليلحق ب “نجوى”، وترك مصير المكتبة معلقًا لا أحد يعلم بالتحديد إلى ماذا ستئول ذكريات حسن كامي وذكريات زوجته، إلا أن مطالبات من بعض الفنانين تنادي بعدم غلق تلك المكتبة العريقة وأن تكون صدقة جارية على روح الفنان الأوبرالي العالمي حسن كامي.

الوسوم
إغلاق
إغلاق