التقارير

تعرف على أكبر سوق للنظارات في وسط البلد.. والأسعار خارج المقارنة

هل تساءلت يوما عن سر تجمع ورش النظارات الطبية ومحلات بيعها في المستطيل الواقع بين باب اللوق وعابدين، هل جربت أن تذهب إلى المحلات الكثيرة التي يمتلئ بها شارع التحرير والحارات المتفرعة منه، لتكتشف أن أسعار “الشنابر” والعدسات أقل كثيرا من مثيلتها في سلاسل البصريات الشهيرة؟

الإجابة في حكاية يتناقلها تجار ومصنعو النظارات الطبية في المنطقة التي يمكن أن نسميها “مول النظارات المفتوح”، وتقول الحكاية إنه حتى منتصف القرن الماضي لم تكن تجارة النظارات الطبية مزدهرة في وسط البلد، حتى جاء التحول الكبير في تلك التجارة حينما بدأ الخواجة جوزيف أحد أشهر التجار في محافظة الإسكندرية، في بيع وتجارة النظارات، ويقال إنه كان من يهود مصر الذين عاشوا بها قبل التأميم، وكان مشهورًا باستيراد ماركة “شيمير كوتيه” من فرنسا، حيث كان يجتمع بالتجار الذين يتوافدون من جميع المحافظات، على مقهى الفلاّح الموجودة بالقرب من قصر عابدين كان يروج لتلك الماركة ويبيعها لهم.

سوق النظارات في عابدين - تصوير - عبد الرحمن محمد
سوق النظارات في عابدين – تصوير – عبد الرحمن محمد

وفي الوقت نفسه كانت حارة الصوَّافة الواقعة بالقرب من مقهى حورس الشهير في منطقة عابدين، في البداية عبارة عن “عربخانة” للخيول، بمرور السنين أغلقت وافتتحت في المكان الذي كان تقام عليه الكثير من المحال التجارية، وتحولت المنطقة فيما بعد لأكبر سوق للنظارات في مصر، اجتمع فيها أغلب التجار الذين كانوا يتعاملون مع الخواجة جوزيف ووجدوا فيها المكان المثالي الذي يصلح لأن يكون مقرًا لتجارتهم، ومن تلك الحارة ازدهرت وراجت تجارة النظارات في محافظات مصر المختلفة.

نفس الخامات والماركات التي تباع في أشهر محال النظارات تجدها في حارة الصوَّافة تلك وبسعر زهيد، ونتيجة لاستيراد بعض التجار النظارات ال “كوبي” القريبة من الأصلية، فقد اهتز سوق أصحاب العلامات التجارية ولم يعد هناك احتكارًا لماركة بعينها، سوى للفئة القليلة منهم.

تصوير - عبد الرحمن محمد
تصوير – عبد الرحمن محمد

وائل أحد أصحاب محال بيع النظارات في منطقة عابدين، يعمل في تجارة النظارات منذ نحو عشر سنوات، بعد تخرجه من كلية الحقوق، ورث مهنة والده في مجال تجارة النظارات، يقول لـ”منطقتي”: “تجارة النظارات لها مقاييسها الخاصة، وللأسف لا توجد صناعة للنظارات في مصر، فبدءًا من أكياس النظارات وعبواتها الخاصة وصولًا للشنبر، كل تلك الأجزاء يتم استيرادها من الخارج وخصوصًا من كوريا والصين وجبل علي في دبي، وثمان مدن مختلفة في الصين”.

أما عن أنواع الشنبر فهو أربعة أنواع، منها النوع الشعبي وييتم تصنيعه من Injection Recycle وهو إعادة تصنيع الشنبر من خلال تسخينه ثم تصميمه بالشكل المطلوب، وهو نوع غير شائع بدرجة كبيرة، وهناك نوع آخر يسمى “لوكس”، والنوعان الآخران هما الـ Copy و First Copy”.

أما العدسات فيقول  وائل إنها خاضعة لمواصفات قياسية بحتة لا يمكن تحريفها، حيث الرؤية واحدة والجودة مرتفعة، وهناك عدسات يتم تصنيعها من خامات رديئة ومعاد تصنيعها وتظهر بها عيوب كثيرة تكون واضحة بصورة كبيرة، وتباع في الأسواق بأسعار زهيدة للغاية تصل إلى عشرة جنيهات، تلك العدسات ضارة بالعين وتتسبب في أمراض خطيرة، أما العدسات الFirst Copy فهي معالجة طبيًا، وتعطي حماية عالية من أشعة الشمس، لذا فهي آمنة تمامًا، إلا أن السوق المصري في مجمله لا يبحث إلا عن بيع المنتجات الرخيصة من أجل تحقيق الأرباح ومعظم الزبائن تتجه بالطبع إلى شراء المنتجات التي تباع بمبالغ زهيدة ولكنها طبيًا خطيرة للغاية.

أما عن حال سوق النظارات حاليًا يؤكد وائل: “سوق النظارات يعمل به آلاف الأشخاص، ونتيجة لتعويم الجنيه وعدم ثبات الأسعار فإن سوق النظارات معرض للانهيار، فالتاجر الذي كان يسافر الصين خمس مرات في السنة، أصبح يسافر مرة واحدة فقط لتقليل التكاليف، كما أن صغار المستثمرين مهمشين، ولابد أن تنظر الدولة إلى حالنا من أجل النهوض بسوق النظارات وعودته للازدهار مرة أخرى”.

تصوير - عبد الرحمن محمد
تصوير – عبد الرحمن محمد

منطقتي انتقلت للحديث مع تاجر آخر للنظارات وهو نور رجب صاحب محل Vision And More لتركيب وبيع النظارات بأنواعها.

نور رجب قام باستئجار محله في منطقة عابدين منذ عام 2011، إلا أنه يعمل في تجارة النظارات منذ عام 2001، حيث تعلم تلك التجارة على يد “خاله”، الذي كان يستورد النظارات منذ عام 1971، بعد وفاة خاله ترك نور دراسته واتجه للتجارة فقام بافتراش بضاعة في الشارع وكان عمره 16 عامًا بعدها تدرج حتى أصبح يعمل في تجارة النظارات بالجملة، ومنها بدأ في استيراد شغل صيني، ومنذ أن استقر في منطقة عابدين أصبح يستورد خامات ذات جودة عالية.

تحدث نور عن الأجهزة المستخدمة في تركيب العدسات داخل الشنبر أولها جهاز يسمى “الفوكوميتر” والثاني هو مكنة قص العدسة التي تستخدم في قص العدسة حسب التصميم المطلوب والمقاس المحدد والفورمة، هناك ماكينة أخرى تسمى ماكينة الحفر، وتستخدم فقط في “الشنبر الهاف” الذي يغطي نصف العدسة فقط، حيث تقوم تلك الماكينة بحفر خيط يسمى “سليكسا” داخل إطار العدسة ليتم تثبيتها جيدًا داخل الشنبر، أما العدسات ال Frameless فلها جهاز خاص يقوم بتخريم العدسة وتثبيتها”.

تصوير - عبد الرحمن محمد
تصوير – عبد الرحمن محمد

وعن أشهر تجار النظارات في منطقة عابدين يشير نور رجب إلى أن منطقة عابدين تضم عدد كبير جدًا من محلات بيع النظارات، ومن أشهر التجار وأقدمهم محمود سماركو الموجود في ناصية شارع نوبار، وحسن مصطفى، وأحمد إبراهيم الموجود في عابدين من حوالي خمسين عامًا.

الوسوم

‫2 تعليقات

  1. تنبيه: Google
  2. تنبيه: Google
إغلاق
إغلاق