التقارير

وسط البلد تودع “فوسجيدار”.. وقائع بيع مطبعة تاريخية المحافظة رفضت تجديد الترخيص بعد أكثر من 100 عام على تأسيسها!

مضت أكثر من مائة عام على إنشاء مطبعة فوسجيدار في مقرها بمنطقة وسط البلد، أسسها الأرميني “يرفانت موسيرليان عام 1914 وحملت تاريخًا عريقًا من الطباعة وشهدت على أحداث تاريخية هامة في حياة الجالية الأرمينية على وجه الخصوص.

واليوم تغلق المطبعة أبوابها وتنتهي رحلة مطبعة “فوسجيدار” ومالكتها جاسيا الأرمينية الأصل، والتي لطالما حلمت بتخليد ذكرى مطبعة والدها إلا أنها لم تستطع الصمود كثيرًا.

جانب من واجهة مطبعة فوسجيدار - تصوير - عبد الرحمن محمد
جانب من واجهة مطبعة فوسجيدار – تصوير – عبد الرحمن محمد

مع بدء مشروع تطوير القاهرة الخديوية في العام 2015 كانت المرحلة الأولى للمشروع تضم تطوير كل من شارع الألفي وشارع سراي الأزبكية الموازي له، بالإضافة إلى شارع زكريا أحمد الذي يقطعهما طوليًا، والذي تقع في منتصفه مطبعة فوسجيدار العريقة، ولكن عقب انتهاء مشروع التطوير لم تسمح محافظة القاهرة بإصدار تراخيص جديدة لأي نشاط، وهو الأمر الذي تفاجأت به “جاسيا” حين ذهبت منذ نحو أسبوعين لتجديد رخصة المطبعة، وباءت كل محاولاتها بالفشل.

تقول جاسيا لـ”منطقتي”: “سلكت كل الطرق لتجديد رخصة المطبعة، ولم أتمكن من القيام بذلك، حيث رفضت المحافظة منحي رخصة جديدة لمزاولة النشاط باعتبار أن منطقة الألفي منطقة تطوير وغير مسموح بإصدار تراخيص لنشاط مثل المطبعة بها، فأصابني اليأس وقررت بيع المطبعة، وخلال بضعة أيام مضت، كان سفير السويد بالقاهرة يزورني، حيث يستعد للرحيل من القاهرة ويود اقتناء بعض المتعلقات الثمينة، وحين أخبرته إنني أنوي بيع المطبعة حَزِن حزنًا شديدًا وأخبرني أنه سيساعدني، فاتصل ببعض المسئولين بوزارة الآثار طالبًا منهم اعتبار المطبعة أثرًا هامًا، فقد مر على إنشائها نحو مائة وأربعة عام، إلا أن طلبه قوبل بالرفض، وأخبرني بصوته الذي يمتلئ بمشاعر الحزن بعدم تمكنه من الحفاظ على مثل تلك المطبعة العريقة، وقال إن وسط البلد تفقد تاريخًا عريقًا بغلق تلك المطبعة، طالبًا مني الاحتفاظ ببعض الخطابات القديمة التي طُبعت في “فوسجيدار”.

فوسجيدار 01

“أما أنا فليس لدي حيلة، حيث اجتمعت بالعُمَّال وأخبرتهم بالأمر كله، وقبل وداعهم أجريت اتصالات عديدة حتى وجدت فرص عمل لهم، بعدها قمت ببيع ماكينات الطباعة وأحرف الطباعة القديمة الإنجليزية والفرنسية والعربية والأرمينية، لاثنين من أصحاب المطابع، واحتفظت لنفسي بأقدم ماكينة لما لها من معَّزة خاصة لدي”.

لم يتبقّ الآن سوى مبنى المطبعة فارغًا في انتظار مالك جديد يعيد الروح إليه، بعد أن أسدل الستار على أقدم مطبعة للجالية الأرمينية.. مطبعة “فوسجيدار”.

الوسوم
إغلاق
إغلاق