ثقافةحوارات صحفية

المخرج عمرو بيومي: “رمسيس راح فين يرصد تحولات العمران والسلطة منذ 1919”

عُـرض مؤخرا بمركز التحرير الثقافي بالجامعة الأمريكية، فيلم “رمسيس راح فين” للمخرج عمرو بيومي، وهو يوثِّـق لمسيرة تمثال الملك الراحل من ميدان رمسيس وحتى مستقره الأخير قبل انتقاله إلى المتحف المصري الكبير.

“منطقتي” التقت الفنان عمرو بيومي مخرج الفيلم وكان معه هذا الحوار..

عمرو بيومي مخرج فيلم رمسيس راح فين

حصل الفيلم على منحة (هوت دوكس) ألمانيا.. كيف ساعدت هذه المنحة على الخروج بالفيلم؟

الإضافة الحقيقية للمنحة هو توفير الوقت والمناخ المناسب للعمل من حيث البيئة واستوديو المونتاج، تفاجئت بالمنحة أثناء مرحلة المونتاج في مصر، وصلنا برلين.. المنحة كانت بالأساس للمونتاج، واجهتنا بعض الأمور التقنية في الاستوديو، واستغرق إدخال الماتريال أسبوعين، وبدأنا العمل بالفيلم، لكن أميز ما في هذه المنحة هو تهيئة المناخ العام والظروف الهادئة للعمل بعيدا عن المدينة اللاهثة.

هناك أكثر من مستوى للسلطة في الفيلم كيف جسدتها وكيف جاورت بينهم؟

فكرة السلطة أساسية في الفيلم، السلطة السياسية والسلطة الأبوية، فكرت في إشراك محور أبنائي كـأب قد يمارس السلطة عليهم بدوره. السلطة أيضا قد تتخذ شكلا مختلفا، أصدائها في الفيلم قد نجدها في فتوى الأزهر بتحريم التماثيل والتي كانت حينها من أبرز القضايا وكنت أتابعها يوما بيوم، لنرى فتوى عتيقة تواجه شغف الناس، وأثناء الإعداد للفيلم سجلت مع الدكتور عبد الغفار شديد أستاذ تاريخ فن بكلية الفنون الجميلة تناول هذه الفتوى، وأجريت معه مقابلتين مطولتين معه، لكن لم أستغلهما.

كيف بدأت العمل بعد 9 سنوات من التصوير؟

فكرة العمل على الفيلم بدأت 2015، حيث الانتقال لحي السكاكيني، وتداخل الشخصي مع العام. وبدأت على 4 محاور: الملك، التمثال، الميدان، الحدث. استعنت بقصاصات فيديوية تناولت أحداث 18 و19 يناير 1977 أرسلها لي صديق، وفيما يخص جنازة عبد الناصر كنت قد استعنت بفيديو التليفزيون السويسري، الانطلاق العريض من 4 زوايا. أمامك مادة متسعة وتبدأين في غزلها، استعنت بكل من أمجد نجيب وهو جامع أرشيف قديم، كذلك الباحث أيمن عثمان. وتعقبت الروايات المتواترة من الناس، كنت أبحث عن مصور مائي ممن يستخدمون تقنيات التصوير القديمة، وكانوا يقفون في الميدان لعلني أجد الميدان في خلفية صورهم، لكن للأسف لم أوفّق، كما تواصلت مع ورثة الفنان مهيب في سنة 2018 وكانوا قد أعادوا رقمنة تراثه ومن ضمنه الإعلان الخاص بمصر للألبان في الفيلم.

بوستر فيلم رمسيس راح فين

المشاهد للفيلم يلاحظ عدم إهدار للحدث التاريخي.. كل لقطة مصورة في رحلة انتقال التمثال جديرة بالعرض والمتابعة. ومع ذلك نجحت في صناعة فيلم فني يتجاوز توثيقية الحدث. هل تكون واعي بعملية الخلق الفني تلك؟

كل شيء يبدأ بالبناء، يشغلني التفكير في صنع أي نوع من التأثير والاختيارات المتاحة، أنا عندي رحلة، والنوع الفيلمي الخاص بالرحلة/ الطريق نوع معروف سينمائيا ويستطيع أن يحمل فيلما، ووجدت أن اختياري هذا كان موفق، كان عليّ تتبع الرحلة، مسافة الرحلة أيضا طويلة والتي تبلغ سرعتها 5 كم/ ساعة. ثمة إيقاع حقيقي بتؤدة موجود في الزمن الفعلي للحدث، وكان يجب أن يتم إغلاق خطوط السرد التي بدأتها في الفيلم.

بمراجعة سريعة على منجزك الفني نلمح في أفلامك اشتغالك على هاجس السلطة سواء السياسية أو الإجتماعية.. هل يعد “رمسيس راح فين” تكليلا لهذا الاشتغال؟

لم تكن لدي فكرة العمل السياسي طوال عمري، لم اشترك في حزب سياسي، وإن كنت متابعا جيدا للأحداث. عملت مع المخرج أنور القوادري باحثا في فيلم “ناصر”، ودائما ما كانت فكرة السلطة متواجدة بأفلامي. بعد عام 2011 كان السؤال كيف تعمل على موضوع بخلاف زلزال 25 يناير، وكان ثمة ارتباك في الاشتباك مع اللحظة التاريخية، ومن خلال فوتوغرافيا التقطتها يوم 25 يناير بنيت عليها فيلم “نافذة على التحرير”. أما قبلها فكنت قد أنجزت أفلاما تسجيلية لهوت سبوت والجزيرة.

 

المخرج عمرو بيومي

كيف وثّـق فيلمك للتحول العمراني في المدينة؟

شاهدنا ميدان رمسيس على مراحل زمنية مختلفة في الفيلم، سواء كانت فوتوغرافيا أو قصاصات فيديوية.. فما بين صور تعود للعام 1919 وهي أقدم ظهور للميدان في الفيلم حين أشرنا لمظاهرات ثورة 19 والتي خرجت من الميدان، وحتى رحيل تمثال رمسيس سنة 2006 من ميدانه؛ مرورا بوجود تمثال نهضة مصر بالميدان في العشرينيات. كل ذلك حقق إحساسا بالتراكم والزخم من خلال رؤية هذه المتغيرات. مع العلم أنه بعد رؤية الدكتور سمير غريب لفيلمي “بلد البنات” والذي تدور أحداثه الرئيسية في ميدان رمسيس وما حوله؛ طلب مني أن أتعاون مع جهاز التنسيق الحضاري لإنجاز الملف البصري المقدم لبيوت الخبرة المطروح عليها تقديم حلولًا مرورية وعمرانية وبيئية خاصة بالميدان. صورنا كل شيء تقريبا في الميدان، وشاركني الفنان مدير التصوير مجدي يوسف.

لك فيلمين الروائي “الجسر” 1999 و التسجيلي الرؤيوي “حلم السيما” 2008.. وكلاهما تناول بطلا يكتشف العالم في سن اليفاعة والصبا.. وكلا البطلين تقريبا في نفس السن وبنفس الهواجس وبأب غير موجود.. هل يخرج الفنان نفس العمل كل مرة؟

أعتبر تلك المرحلة ميلاد ثاني أنا شغوف بها. كلاهما على أعتاب المراهقة.. بمقدورنا أن نستدعي العالم بعين ثانية ومتحولة.. وأحسبه مناسب للتحولات الدرامية وهو ما ظهر جليا في علاقة الجد بالحفيد التي تحولت بمرور الوقت من المؤازرة والدعم إلى الوقوف في مواجهة الحفيد، أستطيع القول بأني أملك شغف خاص بسن التحول هذا.

من فيلم رمسيس راح فين

هذه ليست المرة الأولى للعرض في الجامعة الأمريكية وفي قاعة “إيوارت” التاريخية.. كيف كان خطة العروض الخاصة للفيلم وخطة مشاركته في المهرجانات السينمائية الدولية؟

شهد العام 2019 دورة ترويجية للفيلم فبدأناها في القاهرة بعرضه في مايو 2019 في مقر الجامعة الأمريكية بقاعة “إيوارت”، ثم في نوفمبر 2019 جاء عرضه ضمن مهرجان “دوك لايبزج” في دورته الـ 62 في نوفمبر 2018، ثم عرضا في ذات الشهر في المكتبة العامة لمدينة مرسيليا، في اطار مسابقة “ذاكرة المتوسط” في الدورة الـ 23 لمهرجان “بـري مـيـد”، ثم عرضا خاصا بمكتبة الأسكندرية أول سبتمبر 2019، وكان مهرجان القاهرة السينمائي الدولي قد طلب عرضه ضمن أفلام البانوراما الدولية في عام 2018، لكننا رفضنا، وجاءت فرصة العرض العالمي الأول في مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية في إبريل 2019. وشارك في المسابقة الرسمية وحصد جائزة أفضل فيلم.

فيلموجرافيا

عمرو بيومي مخرج وسيناريست للعديد من الأفلام:

“الجسر” 1999

“غدا تُشرق الشمس” 2001

“بلد البنات” 2007

“حلم السيما”.. 2008

“ثمان وثائقيات حول مجتمع البوسنة بعد الحرب” 2009

“كلام في الجنس” 2010

“مين اللي يقدر ساعة يحبس مصر”.. 2010

“نافذة على التحرير”.. 2011

“من قتل المحجوب” 2012

“رمسيس راح فين”.. 2019

الوسوم
إغلاق
إغلاق