ملفات

الإيموبيليا.. أكبر من عمارة.. أصغر من كومباوند.. أهم من مجرد مبنى

فى‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬نكتب‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الإيموبيليا‮»‬‭ ‬وتاريخها‭ ‬المتشابك،‭ ‬وعن‭ ‬وضعها‭ ‬الحالي،‭ ‬وننشر‭ ‬تفاصيل‭ ‬خطة‭ ‬التطوير‭ ‬‮«‬المُجمدة‮»‬‭

هذه ليست مجرد عمارة مثل غيرها. هنا، فى «الإيموبيليا» كان عصر قديم ينصرم، وآخر يبدأ، والعمارة السكنية الأشهر كانت مثل مرآة، تعكس هذه التغيرات بتعقيداتها المدهشة..

بُنيت الإيموبيليا لتكون فريدة من نوعها فى قلب القاهرة الخديوية، تلك التى كانت تنتشر فيها آنذاك القصور والبنايات ذات الطابع الإمبراطورى بتماثيلها وزخارفها، وارتفاعاتها المنخفضة كذلك.  كان الهدف من الإيموبيليا أن تعبر عن الحداثة، وأن تكون كما أراد أصحابها لها أول ناطحة سحاب فى قلب القاهرة، بارتفاع 70 مترا، وهو ارتفاع هائل بمعايير هذا الزمان.

مدخل المبنى القبلي لعمارة الإيموبيليا من الداخل - تصوير - أحمد جمال
مدخل المبنى القبلي لعمارة الإيموبيليا من الداخل – تصوير – أحمد جمال

كان الهدف أيضا، أن تعبر هذه البناية الحديثة عن إمكانيات المهندسين والمقاولين المصريين فى تصميم وتشييد عمارة مصرية ضخمة، أشبه بفندق وتضم وسائل الرفاهية والحداثة آنذاك، لتجتذب مشاهير المجتمع من الأثرياء وعلية القوم، وأن يسكنها الفنانين والسياسيين والسفراء الأجانب، بل وأن تكون هذه العمارة أيضا دافعا لاستثمار جديد فى مجال المقاولات والعقارات بعد أن تضع الحرب أوزارها، كما كتب إسماعيل صدقى باشا رئيس الوزراء الشهير، فى تعليقه على بناء الإيموبيليا من خلال الشركة التى كان صدقى يرأس مجلس إدارتها، وحملت اسم «الشركة العقارية العمومية بمصر-إيموبيليا- ش.م.م».

كان ذلك فى يناير من العام 1937، حينما باع المسيو بيير دى فيتاس وزير فرنسا المفوض إلى الشركة العقارية العمومية «الإيموبيليا» السراى الفخمة مقر السفارة الفرنسية، المطلة على شارعى قصر النيل والمدابغ «شارع شريف باشا حاليا»، بعد أن ظلت مقرًا للسفارة طوال 50 عاما، منذ 31 ديسمبر 1886 وحتى 26 يناير 1937، وكانت هذه السراى مقامة على الطراز الإسلامى الأندلسي،  وتحتوى على كنوز أثرية وفنية. تم تسوية المبنى بالأرض وانتقلت السفارة الفرنسية إلى مكان آخر، وأعدت الأرض الفضاء لبناء أول ناطحة سحاب بمصر وللتحول معها المنطقة إلى حى راق ومقصد لسكنى الأثرياء و»كريمة المجتمع».

الإيموبيليا قبل 80 عامًا اثناء عمليات البناء - المصدر مجلة العمارة عدد 7 و8 المجلد الثاني - 1940الإيموبيليا قبل 80 عامًا اثناء عمليات البناء – المصدر مجلة العمارة عدد 7 و8 المجلد الثاني – 1940

تحركت عجلة البناء، وشهدت تفاصيل عديدة، دخلت تاريخ العمارة فى مصر، وارتفع المبنى، واكتسى الهيكل الخرسانى الهائل بالطوب والحوائط، وضعت المصاعد، وخصصت مداخل للسكان وأخرى للخدم، وقُسمت المساحات إلى شقق، والشقق إلى غرف، وطُليت. دخلت مواسير المياه وأنابيب للتدفئة، وأنابيب أخرى خاصة للتخلص من القمامة فى أماكن محددة، وشبكات لأجهزة الراديو المنزلية، وخُطط الكراج، وحددت أماكن تعلوه للمطاعم والمحلات التجارية، وبدأ الإعلان عن شقق شاغرة، لتبدأ مرحلة أخرى من تاريخ هذه العجيبة العقارية، كتبه سكانها ومستأجروها الكُثر.

فى نهاية العام الماضي 2017، ظهرت خطط لترميم عمارة الإيموبيليا، وتجديدها بعدما ألم بها الإهمال وسوء الاستخدام على مدى ما يقرب من 80 عاما على تشييدها، وانتقالها من مُلاك إلى مُلاك.. من أثرياء العصر الملكي، إلى شركة حكومية عقب ثورة يوليو وقرارات التأميم، غير أن خطط الترميم والتطوير هذه اختفت كما ظهرت، والسبب المعلن غياب التمويل..

فى هذا الملف. نكتب عن «الإيموبيليا» وتاريخها المتشابك، وعن وضعها الحالي، وننشر تفاصيل خطة التطوير «المُجمدة». نتعرف على أشهر ساكنيها، وحكاياتهم مع الشهرة والخيانة والإفلاس والنجاح والسقوط.. ونعرف كيف تتبدل مصر بين عصور مختلفة، وتكتب ذلك على جدران عمارة!

داخل الملف:

الوسوم
إغلاق
إغلاق